مرحبًا رفاق الشعر!

بعيدًا جدًا عن الإعتذاريات وخُطَب الغياب، دعنا لا نكترث، فاليوم لنا موعد مع الشعر، بيد أنني لا أعلم ما آلت إليه الأمور في مجتمع الشعر، ولكنني أرجو أنه ما زال محافظًا على ازدهاره وشعرائه.

أقولها مرارًا بملء الفم: "الشِّعر عربيٌّ خالص"، ليس إلغاءً للوجود الشعري ذو اللغات الأخرى -بالضرورة-، ولكنه احتفاء بمقام الشعر العربي فوق آداب العالم أجمع، وليس ذلك بغريب على من قالوا: "من لم يحب الخيل ويتذوق الشعر ، ففي عروبته نظر".

الشعر بلغة أخرى غير العربية.. هل هو شِعر حقًا؟

ربما الأمر متعلق بتعريف الشعر كقالب أدبي شعوري، ولكن الشعر بهيئته غير العربية أقل تماسكًا وتناسقًا وبريقًا وموسيقى، على الأقل هذا ما أراه، على العموم، لن أنشغل بالتقليل من شأن الآداب الأخرى، فالشِعر من صور الجمال على كل حال، ولكن العرب رواده وسادته.. لا شك في ذلك.

 قال ابنُ رشيق:

وكانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنَّأتها بذلك وصنعت الأطعمة، واجتمع النساء يلعبْن بالمزَاهِر كما يصنعن في الأعراس، وتتباشر الرجال والولْدَان لأنه حِماية لأعراضهم، وذَبٌّ عن أحسابهم، وتخليد لمآثرهم، وإشادَةٌ لِذِكْرِهِمْ وكانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد، أو شاعر ينبغ فيهم، أو فرس تُنتج. اهـ باختصار

عمومًا أحضر لي شعرًا بلغة ما، سأترجمه إلى العربية وأتمتع به، هذا ما حدث تمامًا معي والشاعر البرتغالي فرناندو بيسوا، حيث كنت أتجول بين قصائده وكلماته المترجمة، حتى وجدتني بالصدفة في نص ما، نص بالغ الفوضوية، يصف تمامًا فوضويتي الفكرية والتعبيرية، تلك الفوضوية التي كنت أراها منافية لقوام الشعر العربي، وجدتها عند ذاك البرتغالي تحت مسمى قصيدة!

إنه الشعر يا سادة، فم الشعور كما وصفه الشابي، هو طرَب كما عرّفه أمين نخلة.. قيل عنه في العقد الفريد بأنه بِناء، وهو لب المرء كما عرّفه حسان بن ثابت رضي الله عنه.

وفي النهاية هو آداة، به تسلك سبل الخير أو الشرور، فاختر الطريق الذي سيخلدك.

المساحة لكم الآن، اهدوني شعرًا!