إن سألتني عن حب الوطن، فسأقول لك هو من أسمى المشاعر الإنسانية على مرّ العصور، فارتباط المرء بأرضه ليس مجرد ارتباط مادي بل هو ارتباط روحي سيلازمه حتى مماته، فبالتأكيد سيحب أن تكون أرض مولده هي ذاتها أرض مدفنه، وقد صوّر لنا الشعر هذه المشاعر وعرضها لنا في أبهى الصور المؤثرة، على شكل أبيات نتداولها في المحافل الوطنية ونتغنى بها . شاركوني أبياتاً وقصائداً وطنية تحبونها .

ولكن الشعر يؤلم أحياناً، وبالأخص إن كان عن الوطن، فهو يدمي القلب ويفطره، فهذا القلب الذي لا يطيق رؤية وطنه في سوء حال، سيتمزق عندما يقرأ تجسيداً لمأساته .

إذا كان في الأوطانِ الناس غايةٌ 
فحريِّة ُ الأفكار غايتها الكبرى 
إذا لم يعش حراً بموطنهِ الفتى 
فسمِّ الفتى ميتاً وموطنهُ قبرا !

آه يا معروف الرصافي، كم من الموجع قراءة مثل هذه الأبيات ثقيلة الوقع، أن يكون مكممٌ فمي وأنا في وطني، وأقسم أنني لو نطقت لنطقت حباً فيه ولا شيء سواه، ولكن في بلدي هذا اللسان ينحر وهذا الصوت يزجر حتى تغلق كل السبل أمامي عن التعبير والهتاف باسمك .

وما إن تضيق بي أرض الوطن، لا حل لي سوى الفرار إلى البعيد، ومفارقتك يا عزيز قلبي، ليس من أجلي، بل لأجلك، لأصرخ باسمك عالياً، في أرض بعيدة عنك ولكنها أحيتني بمنحي ذلك الصوت الذي ظل صامتاً لسنين عجاف .

سأطرح عليك الآن سؤالاً صعباً ..

أيها المواطن الحسوبي، إذا ما تم تخييرك بين وطن بلا حرية، وغربة تعيش فيها حراً .. أيهما ستختار ؟