ويُكاتِمُ الأسرَارَ حتى إنَّهُ

ليصُونُها عن أَنْ تَمُرَّ بِخَاطِرِهْ

يا له من بيت يصف حالي بدقة، ويصف حال كثيرين أيضاً ممن اتخذواْ القلب موطناً لأسرارهم، وحاوطوها بحصون تمنع وصول أي بشريّ إليها، أولئك الذين اتخذواْ مسلكاً أكثر أماناً في التعامل مع أسرار النفس وخفاياها وأبعدوها عن تهوّر اللسان وزلّاته . هل أنت منهم ؟

ربما يتساءل أحدهم، لماذا يفعلون هكذا ؟ هل لأنهم لا يمتلكون خليلاً يبوحون له بخواطر قلوبهم؟ لا ليس هذا هو التفسير الصائب لهذا التصرف، بل يكمن التفسير الحق في أبيات الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما قال :

فلا تُفشِ سرّك إلا إليك 

فإنّ لكل نصيحٍ نصيحاً 

وصدق علي في قوله، فما يُدري المرء بموثوقية من أمامه، وما يُريح قلبه حقاً بأن سره سيكون في مأمن مع غيره فإن لكل نصيحٍ نصيحاً، ثم إن سرّك هذا كالحربة تهديها لمن بُحت له، فإن وقعت بينكم الخصومة يوماً ما طعنك بها وأجهز عليك، وكأن الذي يكتم أسراره يسير في هذه الدنيا محصناً من غدر أهلها، لأن ليس بها ضمان أمان، وكثير من وقعواْ ضحية لأسرار وقعت بيد من لا يصونها ولا يحفظها، ومن يستخدمها كوسيلة ضغط ناجعة تحقق له مآربه الخبيثة .

يقول البعض إن اختباء السرّ طويلاً يثقل روح صاحبه، فلابد أن يكون له طريق خروج حتى تستعيد الروح خفتها ويعود للقلب اتزانه، فيوجد من أهلكته كثرة الأسرار وتراكمها، ويوجد من عاش عقوداً مع هذه الأسرار . إلى أي الرأيين تميل ؟

ما رأيكم، هل تعتقدون أن الاحتفاظ بالأسرار أكثر أماناً من البوح بها ؟ وهل يثقل كثيرها أرواحكم ؟