لا تَعذُلِ المُشتاقَ في أَشواقِهِ

حَتّى يَكونَ حَشاكَ في أَحشائِهِ

إِنَّ القَتيلَ مُضَرَّجاً بِدُموعِهِ

مِثلُ القَتيلِ مُضَرَّجاً بِدِمائِهِ

المتنبي؛ لا أبْلغُ في وصفهِ إن وصفته بإجادةِ الشعرِ، أو الإبداعِ، وإني لأرى في نعتهِ بما هو متداولٌ من نعوتِ الشعراءِ والكتابِ، وممارسي اللغة المجيدين، مساواة لهم، وإن في هذا من المغالطَةِ للكثيرَ. فالمتنبي استناءٌ في الشعرِ والشعَرَاءِ.

أثث المتنبي هذين البيتينِ بالشعورِ الفاخرِ، واللغةِ الأنيقَةِ، والإيقاعِ الساحر؛ فالمعنى هنا جليٌّ، ولذيذٌ، والإحساسُ متعة تستشري في اللغةِ، وأبْعدُ من هذا الإيمانُ والتصديق القلبي بالمحبوبِ.

عواطفنا أشياءُ خاصةٌ.. نوجهها حيثُ نشاءُ، ونتبعها من نريدُ، وفي المقابل مستعدونَ لتحملِ تبعات ذلك؛ وهذا ما يعطينا حماسا متقدا للنضالِ لنحفظَ هذا المُلْكَ؛ فلا تعذُل المشتاق في أشواقهِ.

برأيكم.. هل نجحَ المتنبي في التنظير "لدمقرطة" الشعورِ من خلال هذين البيتين؟