بالتأكيد ومع اتساع دائرة علاقاتنا صادفنا أشخاص لم يمنحونا التقدير، وقد نكون واجهنا أشخاص أنكروا معروفنا وكأن لم يكن هناك خيرًا بعلاقاتنا، وحتى العباقرة لم يسلموا من ذلك، فعبقري القرون الوسطى والشاعر اللاتيني الأشهر دانتي أليغيري (Dante Alighieri) جرت عليه سنة نكران الجميل في حياته ليتهافت الناس على رفاته بعد وفاته! وهذه الحقيقة التقطها أبو القاسم الشابي وأثبتها في قصيدته وقال:

حتى العباقرة الأفذاذ حيًهم يلقى        الشقا وتلقى مجدها الرمم!

الناس لا ينصفون الحي بينهم      حتى إذا ما توارى عنهم ندموا     

فحقيقة الجحود ونكران حق العظيم ( فضلاً عن حقي وحقك ) ممن يعاصرهم تكاد تكون سنة جارية تنتظم الحياة بأكملها، فلا يسلم منها مغمور من سواد الناس أو حتى عبقري فذ المواهب؛ فكلهم في نهاية المطاف يكاد أن يكونوا سواء. فالعبقري يلقى الشقاء والعنت والجحود بين بني قومه وهو حي ثم إذا ما رحل ندموا عليه وعظموا رفاته ونصبوا له التماثيل!  

 فالزوجة قد لا تعرف قيمة زوجها إلا بعد أن يرحل عنها، وصاحب العمل لا يعرف قيمة موظفه إلا بعد أن يتركه. أذكر في هذا الصدد صديق حكى لي أنه تم الاستغناء عن خدماته برغم كفائته لا لشيئ إلا لطلب إجازة بلا أجر من أجل شأن عائلي. ما كان من المدير إلا أن قال له: الإجازة يعني أن تمشي بلا رجعة! بُهت صديقي وقبل الخروج بلا عودة ليعود ذلك المدير يتمسح به بعد أن فسد ما فسد من أمر عمله الذي لم يغني فيه أي موظف غناء صديقي هذا! رفض صديقي العودة إلا بشروطه! 

والآن وفق تجاربكم كيف تتعاملون مع عدم التقدير والشعور بنكران المعروف، وهل رحل عن أحدكم شخص أنكرتم معروفه وأدركتم ذلك بعد خسارته؟