مضى الشبابُ وولّى، ما انتفعتُ به
ولَيتَه فارِطٌ يُرجَى تَلَافيهِ
أو ليتَ لي عملا فيه أُسَرُّ به
أو ليتني لا جرى لي ما جرى فيهِ

بهذه الأبيات تحسر الشاعر بهاء الدين زهير الذي تنسب له، وبها عاتب نفسه أيام الصبا على تفريطه وإهماله، ويالها من صحوة قد تأخرت فما عاد للندم نفع ولا للشعر فعالية .

فهل يستعيد الشيب سواده، وهل تؤوب إلى العظام قوتها، وهل إلى شباب من رجوع، وهل يعود عليه الشعر والندم بالثمار المرجوة ؟

لا شك أن الندم من أسوء المشاعر الإنسانية، وأسوء ما فيه هو أنه لا سبيل للقضاء عليه وعلى نفوذه، ولا سبيل للتملص من المسؤولية ورميها على عوامل خارجية أخرى، بل ستتلبسنا هذه المشاعر وستكون عقابنا، وإن نسيناها ستذكرنا بها، وإن حاولنا محوها ستترسخ أكثر، ولا سبيل للعودة بالزمن .

فاليومَ أبكي على ما فاتني أسفًا
وهل يُفيد بكاءٌ حين أبكيهِ؟
وا حَسرَتاهُ لعمرٍ ضاع أكثَرُه
والويلُ إن كان باقِيهِ كماضيهِ

البكاء على كل يوم وكل دقيقة، وهل من سبيل إلى شيء آخر غيره؟ بكاء على أيام ولحظات كان يملك القوة والقدرة على البذل فيها ولكنه اختار التقاعس وتتبع الشهوات، اختار اللهو والراحة وغفل عن حقيقة أن البذل والعمل وقته الشباب و الراحة ترجى ما بعد ذلك .

لكن ماذا بعد التحسر على الماضي والبكاء على أطلاله؟ ما زال يوجد مستقبل .. هل سيجعله يفلت من بين يديه كما فعل في الماضي؟ بل هي اللحظة التي عليه فيها أن يجفف الدمع ويحاول تدارك ما تبقى له من عداد العمر، حتى يخرج من هذه الدنيا وقد أضاف لعمره وحياته قيمة وجدوى، وهو ما يعين المرء على تحمل الندم .

هل الندم مقتصر على من هَرِم واشتعل رأسه بالشيب ؟ 

أشارككم ندمي .. ربما ستقولون ما زلتي في مقتبل العمر، ولكن ندمي خاص بالطفولة .. وأنا التي فرضت على نفسي أن أكبر وأنا في سن اللعب بالدمى، أندم على كل لحظة أسكتّ فيها صيحات الطفولة بداخلي، على تلك اللحظات التي رفضت فيها اللعب واخترت الإنطواء على نفسي .. على تلك اللحظة التي ارتديت فيها كعباً عالياً لأكون تلك "الكبيرة" .. مسنة في العاشرة من العمر !

وأنتم أصدقاء حسوب .. ما هو سبب ندمكم؟ وكيف تتعاملون مع الشعور بالندم ؟