كيف نحمي عقولنا أن تكتئب ؟
ولا شيء بالحياة كالمعنى، الاكتئاب أسوأ شيء عانيت منه بحياتي، يمكن مواجهته بالبحث عن المعنى في الحياة، المعنى فقط ما يعطي للإنسان سبب للاستمرار ويمنحه شعور بالهدف والإنجاز.
الحياة الفارغة تولّد الاكتئاب وتكثفه، وبرأيي المعنى يكمن في مساعدة الآخرين وتحقيق الأهداف أو حتى الاستمتاع بالأشياء البسيطة كقراءة كتاب أو زراعة نبات في سعي نحو انشاء حديقة أو كتابة رسالة أكاديمية.
ومن تجربتي مع الاكتئاب أقول أننا لا نستطيع انتاج المعنى إلا بالتركيز على ما هو إيجابي في الحياة وتقدير اللحظات الصغيرة وتعزيز كل شعور بالامتنان والرضا. منها ربما أتت لأن شكرتم لأزيدنكم.
أكثر ما يجعلني أشعر بالاكتئاب هو تراكم المهام والشعور بوجود العديد من المسؤوليات التي لا أستطيع إنجازها في وقت واحد، هذا الشعور بالضغط المستمر يجعلني أشعر بالعجز والإرهاق النفسي، مما يضعني في حالة من الإحباط، لذلك أعتقد أن أول خطوة لحماية عقلي من الاكتئاب هي تنظيم وقتي وتحديد أولويات المهام بشكل واقعي، مع إعطاء نفسي فترات راحة قصيرة لتخفيف الضغط والتعامل مع الأمور بروية دون أن أضغط على نفسي أكثر من اللازم.
قد تبدو هذه الملاحظات والنصائح سهلة التطبيق ولكن بالنسبة لشخص على وشك أن يدخل في حالة اكتئاب فهي ثقيلة للغاية.
أنت وقتها تشعر أن الرؤية ضبابية، ترى كل شئ ثقيل ومرهق وتشعر أنك فاقد الطاقة اللازمة حتى لتحريك أصابع يدك، فما بالك بالتواصل والكتابة والبحث عن الهدف والرغبة، أرى أن أكثر ما يساعدنا وقتها هو غيرنا حيث نكون وقتها فاقدين القدرة تماما
يمكن أن نبدأ بالاهتمام بأنفسنا من خلال التعبير عن مشاعرنا وعدم كتمانها، سواء بالحديث مع شخص موثوق
هذا حقيقي جداً ومن فترة في إجازة الصيف الفائت علمت عن سيدة أرملة كانت تشتكي مر الشكوى لمعرفة لي يعملان في نفس المنطقة ويعتبر داعم للأسرة منذ رحيل الأب. كانت تشتكي له وربما جالستها انا ذات مرة فراحت تشكو لي سوء تصرف ابنها الأكبر لتعاطيه المواد المخدرة وسوء خلقه معها وكيف أنها ضاع أملها فيه! رحت أقول لذلكالمعرفة: كيف لها أن تبقى على قيد الحياة وهي بكل تلك المرارة تحملها بدون رجل يرعاها؟! قال لي ضاحكاً: الا ترها تشكو لي ولك وتفضفض معي ومعك ومع غيرنا فتراها تبكي اللحظة ثم بعد قليل تضحك وكأن لا شي حصل؟! من ساعتها علمت يقيناً سحر الإفضاء بمكنون ما يغضبني أو مشاركة الهموم أو بثها ومن هنا قول يعقوب عليه السلام: إنًما أشكو بثي وحزني إلى الله.....
حقيقة يعني ما لاحظته أننا نحتاج أن ندرك أن الحديث عمّا يثقل صدورنا، سواء مع صديق مقرّب أو حتى في لحظة خلوة مع الله، يخفّف من وطأة الألم ويُعيد ترتيب الأفكار المتشابكة. لا يُقال عبثًا إن الفضفضة نصف العلاج.. فهي تترك مساحة للنفس لالتقاط أنفاسها.
في المقابل، هناك قوة في الأفعال الصغيرة التي تُشعل شرارة الحياة من جديد.. "النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل." انشغالنا بممارسة رياضة خفيفة، قراءة كتاب، أو حتى السير في مكان هادئ يساهم في كسر دوائر التفكير السلبي.
الأهم ألا نكابر عند الشعور بالعجز.. فالاستعانة بأخصائي أو حتى شخص داعم تُعيد للعقل توازنه، وتجعلنا ندرك أن الاكتئاب ليس سجنًا أبديًا، بل مرحلة قد تُهزم إذا واجهناها بخطوات صغيرة وصادقة.
التعليقات