يحكى أنه فى بعيد الزمان، جلس شيخ تخطى السبعين وابتعد عن زخرف الدنيا وصار معلما للحكمة، صحبه سبعة من الشباب يطلبون على يديه الحكمة، فأمرهم أن يعودوا إلى أوطانهم ولا يلقونه إلا وقد تزوج كل منهم وأنجب، ومنحهم مدة أربعون شهرا.

    كان جهاد محب للشيخ لطالما كانت رغبته منذ الصغر أن يصحب معلما يعلمه الحكمة، مات والديه وترك الأهل وصار يطلب العلم فى مواطن شتى، حين أخبره بعض أصدقائه عن الشيخ أحبه حبا جما قبل أن يلتقيه.

  وفى عودته صار يفكر من أين له بزوج فى هذا الوقت، أعد ورقة وصار يحسب الأيام أربعون شهرا، أخذ مسيرة أسبوعين فى السفر على خيله، وفى أثناء السير وجد غنما ترعى، وخيمة وطفلا يجرى خلف بعض الغنم ترك السرب ، فنزل وأخذ يساعده فى استرداد غنماته، عندما عاد أبصر إمرأة، ترتدى زى أسودا ومعها عصى، تبدو صغيرة، عيناها نافذتين حينما نظر إليهما شعر بشئ ما، فسألها عن القوم يبغى النزول عندهم، فأرشدته إلى مكان قبيلتها.

    ذهب إلى القبيلة ونزل كضيف عندها، بعدما أخذ ضيافته، خرج إلى الفتاة وأخذ يحدثها وتحدثه، ظل كل صباح ومساء يذهب إليها وفى اليوم الثالث أخبرها خبره، وسألها أترضى به زوجا، لكنه سيفارقه عقب أربعين شهرا ليلتمس الحكمة مع شيخه، وافقت الفتاة ولكنها اشترطت عليه أن يأخذها بغنامتها ولا يمنعها الرعى.

         طلبها من أهلها وكانت يتمة، فلم يلتفت أحد إليها، تزوجها وصارت معه بغنامتها إلى واحته، كانت واحة خضراء اكتفى فيها بقليل من العيش مع مزيد تأمل وعلم وتدوين، كان لكل منهما حياته ولم تتغير بعد الزواج، عقب الفجر يذهب طلبا للرزق والعلم ويعود فى المساء، وقد عادت هى بغنامتها .

       مر عام وقد أنجبت له زهرة، طفلة زرقاء العين، بهية المنظر، تعلق قلبه بها بشدة، كان يجالسها يوما ويوما أخر يذهب للرزق والعلم.

         مر الأربعون شهرا سريعا، ووقت الفراق أخذ يبكى لتركه زهرة، كانت زهرة قد علقت بقلبه بشدة، ذهب لزوجه ولم يرى أثر لدمع، فسألها أى جفاء هذا؟

لكنها أخبرته أنها منذ أن قابلته وهى تعيش فراقه كل يوم ألف مرة، فهان وقت الفراق فراقه، فتركها وحمل متاعه وصار إلى شيخه.

                عندما ذهب إلى شيخه، قص عليه القصص، كان الشيخ منصت إليه،أخبره بقول زوجه له حين تركها، فقال له الشيخ:عد إليها، فعندها ستجد الحكمة.