روح حالمة

أنا لايلزمني سوى بضعة مئات من الدراهم، كل شهر، ويمكنني أن أواصل الدراسة حتى منتهاها.. ماهذا الهراء ؟

كم يمكنك أن تسعى في مخالفة النبض ؟ ألأجل القيمة تذبح نبضك ؟ .. تجفف مياه المشاعر، وتحقنُ روحكَ الغضب ؟

وجه المدينة عابس هذا المساء، دكنة تمسح السماء، المعاطف تكسو العابرين، حمراء وسوداء، وبيضاء في صفوف الإناث .. لماذا تمِلن للّون الأبيض ؟ ألأنكن تعشقن الطهر والنقاء ؟ أم لأن الأبيض واهن كطبيعتكن.. سريع الزوال ؟

ربما تعشقن مراودة المستحيل.

أيمكن أن تحافظ الورقة على عذريتها، ثم تكتب العالم والمشاعر ؟ الإنسان ابن اللطخات .

لم يحول رأسه عن الأرض التي كان مسمِّرا عينيه فيها، حتى جاءت. جاءت تنسج أنداء الدلال، بابتسامة هي أول ما غمره، فانسحب الكيان المفكر، وساحت روحه الحالمة ..

_ ما هذا البهاء ! كلَّ يوم تسحرينني بحلة جديدة ..

_ أي حلة جديدة ؟

_ أسارير وجهك تنبض نورا.. وتخفق في أخاديد قلبي ماء سلسبيلا.

_ فقط في عيونك يا حبيبي. وترخي ابتسامة أخرى تُلمِعُ عينيها في فتور، فتنحني برأسها للوراء في زمن سعيد ...

_ بل أنت فوق ما أقول ..

تسل يدها من خلفه، ويتأبطها تائها، يستنشق عطر " الطبيعة " الفرنسي، منبعثا من فرو شالها المخملي الأسود .. عادةٌ ما يخالط عطرُها روحَه فيُغشى على وعيه بالمكان، ويظل مشدودا إلى حالة النشوة بضع ثوان، هن كالأمد.. سرور غامر، ودفء لاذع، ذلك الذي يخالطه من جهة اليسار، رخو و ناعم، نتوء يهدمه إن رآه أو اعتراه ..