يداك متشابكة خلف ظهرك دون حبل يربطها، فمك مكتوم دون كمامة، قدماك مكبلتان دون قيد على طرف لوح خشبي ممتد عبر الفراغ، يخترق الهواء البارد أضلاعك فيسري في جسدك كالكهرباء يرجف كل عضو فيك، مثبتة عيناك على هوة عميقة في القاع تحت اللوح، تتأملها برعب وكأنما تشاهد قبرك، ولا يفصل بينك وبينها إلا قفزة، يحسبك عنها الضباب الكثيف الذي يخفي الأرض من تحته.
فلا ترى من خلاله إلا أشباحً رسمها عقلك، لا تسمعها، لكنك تخشاها، ويبرر عقلك جموده بأنه لم يرى من قفز عن اللوح قبلك، ولا من يدعمك على القفز أو يقفز معك حتى، فيزيد إحساس الوحدة من ثقل قرار القفز على قلبك.
إلا أن البرد في ضلوعك، والألم في روحك، والوقت الذي يضني آكلا عمرك، وجهلك بما يخبئه عنك الضباب، كل هذا يمزقك رعباً، فتشعر أن ذلك اللوح الذي تقف عليه سيكون نعشك.
فإن كنت في كل الأحوال ميتاً، فلما لم تقفز إلى الآن؟!
التعليقات