كلما كانت توضع الأنثى في بلدتي.. بعجينةٍ سمراء وشعرٍ أسودٍ مُجعد ..قالوا عنها مسكينة ستشيخُ وحيدة .. فولدتُ طفلةً مسكينة وكبرتُ صبيةً مسكينة ..أخبئُ قلبي ولعنتي وراء النوافذ والكتب والأقحوان .. من رجلٍ قد يبصقهما على وجهي .. ومن نسوةٍ شغلهن الشاغل خرم الأجذع السمراء المجعدة لوجبة المساء.. حتى جئت أنتَ .. من خاصرةِ الفجر .. حاملاً الجمال والنور والفراشات إلى صدري .. بذوراً تلدني من جديد طفلةً.. أكملت اليوم عامها الأول من عمرها المؤرخ بزوايا شفتيك.. لن أنام الليلة
أنتم الذين لن يذكرَكم التاريخ !!
لأولائك الذين لن يذكر التاريخ لهم مجد التسلقِ على جبال العيش دون معاول ؛ فلا يد هنالك لتُمسك هذا المعول، ولا قدم تدفع بهذا الجسد. نعم ! لقد بترتها نواميس السلطات العليا لهذه الأرض . وحدها الأسنان تدفع، و تُمسك بأضافر الحجارة الزلقة ... ثمنَ كسرةِ خُبز !! فهم الذين يصبحون كل نهارٍ ليشربوا رغما عنهم الذل من أقداح الجمر كأساً صباحياً لاينتهي حتى يحقنه السرير بملاذ النعاس . يالهُ من معضله ،كأنه فرض جباية عيشهم على هذه الأرض اللعينة.
أما سمعتهم عن نظرية الحب الأول ؟؟!!
لا زال النسيان متوارٍ في شوراع ذكراك المتخفية بحجاب الحاضر .. ولا يزال وجهك يسقط من فوق ستائري و كتبي و خزانة ملابسي؛ ليمزق هذا الحجاب ويفتش عن ذاك الجبان المتواري، فما إن يُمسكهُ حتى تنهال الذاكرةُ عليه ضرباً إلى أن يهرب وعيهُ منه كالمتشرد .. نعم لا يزال يسقط بتوقيت السهو والشرود .. حتى يكتب المعادلة ذاتها بقانونٍ مختلف عن كل مرة ليثبت لي نظرية "الحب الأول" فيطرح، ويقسم، ويضرب، اللا حُبَ والشوق هذه المرة بقانون الراحلين فأساوي كالعادة
الخطيئة
على طريقٍ تنتصبُ في جانبيه غابةٌ أحرقتها أعواد الكبريت .. أهرب من علب كبريتٍ عملاقة يسيل لعابها بتعطشٍ من على أنيابها المحدبة وهي تثور "أنتِ يتيمة.. يتيمة " .. ترى ما الذي يجرى لها .. كنت أظن أنها تحبني .. و قد كانت أخر ما تبقى لي؟؟ .. "يتيمة.. يتيمة" .. لماذا تصر على ضغط كينونتي المذبوجة بأنيابها المحدبة ؟؟ .. كأنها تريد ألا أنسى .. أنني خطيئةٌ توجب على أمها شطبها بباب مسجد!! .. أما كان يجدر بأي خطيئةٍ
لكنني لستُ لاجئ !!
هاقد وصل إلى المطار .. وحقيبته تكاد تنفطر من الخيبةْ تمشي محموتاً خلفه..أما جسده فيمشي بفتور من أغتصبهم الرحيل،إلى أن تهالك على أحد مقاعد صالة الإنتظار التي بدأت بدفن رأسه بين رماد ذكرياته. مرت ساعةٌ ونصف حتى أزاحت تمتمات الموظفه الرتيبة ،البجحة و الباردة كالجليد الرماد من على فتحة أذنيه: _على السادة الذين سلخ قوت يومهم الواحد كل شبرٍ من جلودهم المملوئه بالأحلام حتى أصبحوا عاريين من كل مقومات الحياه ،متشردين فوق خردة أوطانهم في ظل حربٍ لا تمتُ للنهايه
رجلٌ يأتي من على بعد سبعة أعوام!!
جسد المدنية منهكٌ بدأ بالإستسلامِ لزمجرة الشمس ،في حين أن أبواق السيارات ومحركاتها مستمران في عزفٍ أهوج لمقطوعةٍ في الأساس مجنونة ، ففي هذه الساعة يمضغ الأغلب التعب والجوع برتابةٍ يومية ،ومنهم أنا وقد نهتني أصواتٌ خجولة منبعثة من معدتي عن متابعة العمل حتى قادتني نحو موقف الحافلات . فيما كان الإعياء منتصبٌ على محياي يشد حاجباي إلى الأسفل متذمراً من تلك الحافلة التي لم تتكرم بمجيئها بعد ،حتى قاطعهُ وقع خطواتٍ صاخبة ، لرجلٍ يأتي نحوي من على بعد