فارس بن زيادة
مُجرّدُ شخصٍ كانَ، ولا زال يُكافِح من أجلِ أن يكون. مدوّنتي:
96 نقاط السمعة
25.2 ألف مشاهدات المحتوى
عضو منذ
ظلال أبله
تخرّجتُ قبلَ عدّة أيّامٍ من الآن من كلّيّة الطبّ، لا زلتُ أتذكّر ذلك اليوم التاريخيّ، ربّما اليوم الوحيد الذي رسم خطًّا قصيرا من البهجة في أعماق دخيلتي، حينما عرفتُ أنّني سأبقى لوقتٍ أطول في المستشفى، المبنى الضخم الذي يُلامس قلبي أكثر من أيِّ شخصٍ آخر. أُقيم لنا حفلٌ مهيبٌ، حضر فيه كبار أساتذة الجامعة، كما ألقى بعض الطلّاب كلمة أو اثنتين بمناسبة تخرّجهم، كانت كلماتهم من تلك التي تترك دمع الفرحة على خدود المتأثّرين، قد أقول بعد هذه الأيّام أنّني
سلاحٌ ذو حدٍّ
دَعُوني أصرّح بأنّ هذا الموضوع قد ابتلعني آخر هذه الشهور، وهو يأخذ منّي كلّ يومٍ قضمة تلو الأخرى، بشكل متتابع ومضجِر، والأكثر عبثًا بلا توقّف. أحاول أن أخبركم أنّني أحتسي من كوب الماء بينما أكتب هذه الحروف، كما يرتشف كُتّابنا الكبار كؤوس القهوة الطاعنة في ضرب الخيال الخلّاق كي يكتبوا في فنّ عظيم هو الأدب؛ قد يبدو الوضع مثيرًا للاشمئزاز، لأنّني أحاول صياغة مقدّمة غير مملّة لموضوع أجهل بدايةً لهُ، وأعرف يقينًا أنّ كوب الماء (وحتّى القهوة) لن يُساعدا في
غرِيب
نعيشُ حياتنا في جلستين: جلسةُ انتظار الموت، وجلسة الشعور به. لن أكتب بقسوةٍ لأنّني أؤمن أنّ عيشها يكفي، في بعضِ الأحيان أتخلّص من تعبي بالكتابة عنهُ، لكنّني أجدُ نفسي بعد أن اعتدتُ الكتابة، أجدُني أتخلّص منهُ هذه المرّة بعدم الكتابة عنهُ أصلًا، بتفادي تخليده؛ أنا أعلم أنّ الكتابة تكُون بدماءٍ سوداءَ، وأسأل دائما: هل يجبُ أن نُسيِّح هذه الدماء مرّتين؟ في الواقع وعلى الرقّ أيضًا؟ لقد حدثَ ذات مرّة للمتنبّي أن وجد نفسه في غير عصره، ربّما بشكلٍ تخيّليّ في
حديثُ صمتِه
«هُم لا يعرفُون ما معنى أن تكُونَ شخصًا يتجاوز كلّ شيء وهو صامت، يتجاوز ويتجاوز بكلّ هدوء، حتّى يعتقد من يراك أنّك لم تتعثّر يومًا» كنتُ دائما أبدأ أموري وأنهيها وأمام ناظريّ تُرسم هذه الكلمات للراحل أحمد خالد توفيق، تُرسم بكلّ بهاءٍ وزركشة عجيبة، لا أعلم إنْ كان يجدر بيَ أن أشير إلى أنّه يوجد بونٌ شاسع، بين أن تتعمّق في قول وتعيشه في لحظاتٍ كثيرة، وبين أن تمرّ عليه كأنّك تتصفّح هاتفك، بلا هدف مسبّق. إذا استثنينا معًا تلك
اليوم الوحيد
«لقد وقعتُ في حبّ عقلكِ، وهذا ما يهمّني». إنّ التحوّل الماديّ الحادث للذكور يحتاج وقتا قصيرًا، بينما نحنُ الإناث ننضج على نارٍ هادئة، تبرزُ صدورنا وتبدأُ خرائط أوجهنا بالتغيّر بشكلٍ تدريجيّ، بينما تلعبُ مناطق أخرى منّا على السموّ ناشرة الدماء، ويحدث هذا في فترة معتبرة ما؛ أعتقد أنّ الكثير من الذكور قد غطّ الشعر أصدغاهم بينما كانوا قبلَ شهر قريبٍ جدّا بلا زَغَب. لقد لاحظتُ ذلك منذ أشهر، حينما بدأتِ البثور الحمراء تتسلّل رويدا إلى جبهة وجهي وهي تخطو خطواتٍ
الإنجازات الضخمة بيني وبينك
ما أراه إنجازًا قد لا تراه أنت شيئًا، وما تحسبه أنتَ عظيمًا قد لا أرى فيه أنا الكثير. لنأخذ مثالًا: أعتقد أنّ «الجريمة والعقاب» لدوستويفسكي هي من أعمق الأمور التي كُتبت على مرّ الزمن (والتي قرأتُها في حدود علمي المتواضع طبعًا)، لكن قد تراها أنت على أنّها مجرّد «رواية» لا طائل منها، ومجرّد عبثٍ لن ينفع على الإطلاق. قد أرى في مثالٍ آخر وإذا قلبنا الطاولة أنّ الحصول على المرتبة الأولى وطنيّا في امتحان البكالوريا هو أمرٌ رائع، لكن ليس
ماذا يحدث في العالم الوهميّ؟
يُؤسفني أولئك الأشخاص الذين يركبون الموجة في كلّ شيئٍ، ويحشرون أنوفهم عند كلّ موضعٍ. احترقتْ غاباتُ الجزائر فصرخوا حتّى كادت تنفجر أوداجهم على أنّها مؤامرة. انتشرتْ فضيحة رانيا ميمون فأصبحوا فجأة خُبراءَ تسويق، وعالِمِين بخبايا الإنترنت والاستهداف الإلكترونيّ الجشِع. عاد «الأبطال» الجزائريّون بصفر ميداليّة من طوكيو، فجعلوا من أنفسهم -هؤلاء الأشخاص- محلّلين رياضيّين وقادرين على قَنص كُنه الخسارات المُرّة المتتاليَة (وهذا بعيدا عن بُكائهم على بكاء ميسي التاريخيّ عند رحيله من برشلونة، ليظهر سعيدا سعادة الشمس عند شروقها في يوم