حالياََ لا يوجد أحد منا لا يشاهد الفيديوهات القصيرة ( ReelsوTikTok ) وقد لاحظت أنه نتيجة لذلك لم أعد أستطيع مشاهدة أي فيديو أطول من ثلاث دقائق وإذا حاولت وأجبرت نفسي للضرورة الدراسية على المشاهدة فيأتيني شعور أنني أشاهد منذ وقت طويل جداََ ولم أعد أستطيع أن افهم ما يقال ليس بالضرورة أن يكون فيديو، بل حتى في المحاضرات الجامعية لم أعد أستطيع سماع محاضرة مدتها تزيد عن ساعة وأجد نفسي قد سرحت بخيالي في أشياء لا فائدة منها بدلاََ من التركيز في الشرح وأنا لست وحدي فقد لاحظت أن أصدقائي أيضا يشعرون بذلك فأتساءل كيف نستعيد القدرة على التركيز لفترات أطول؟
الفيديوهات القصيرة دمرت تركيزنا
لي رأي مخالف قليلاً وهو أن المحاضرات الجامعية أغلبها مملة وشرح الدكاترة فيها غير مفهوم، فكل الطلبة يسرحون منذ زمن قبل الهواتف أثناء المحاضرات لو لم يكن المحاضر يمتلك قدرة جذب الانتباه وبراعة في الشرح.
لا يمكن أن نستنتج أننا فقدنا تركيزنا في نفس الوقت الذي نجلس فيه أمام فيلم مدته ساعتين ولا نسرح دقيقة واحدة بل نحفظ كل مشهد بتفاصيله.
أعتقد أنه ليس من المتوقع من المحاضرات الأكاديمية أن تكون مشوقة أو جذابة، بل إن المتعة يجدها الطالب المحب لتخصصه والشغوف بالمادة العلمية. هذا لا ينفي وجود شرح ممل فعلًا، ولكن التشويق في المادة العلمية ليس أمرًا متوقعًا بشكل كبير.
وبالنسبة للأفلام، فأعتقد أنها تستخدم نفس الاستراتيجية، فكل عدد من الثواني ينتهي مشهد ويبدأ مشهد جديد مع شخصيات أخرى وأحداث أخرى، وكأنك بدأت فيديو قصيرًا آخر. هذا الإيقاع السريع يلبي الرغبة في التحفيز الفوري التي أصبحنا نعتاد عليها. حتى تجد أن المشهد حين يطول أو يكون فيه حوار عميق وطويل، يمل عدد كبير من المشاهدين. فقد أصبحت قدرتنا على التركيز في شيء واحد لفترة طويلة محدودة، وهذا ما يجعلنا نبحث عن "التشويق" في كل شيء.
أتفق معكِ لكن يمكننا أن نتساءل لو كان هذا فعلاً بسبب الريلز، أم أن هذه هي طبيعة التركيز البشري وكل ما حدث هو أن صانعي الريلز انتبهوا لهذه الظاهرة فاستغلوها ونجحوا!
لقد بحث ووجدت أن هناك اسباب اخرى يمكن ان نضعها في الاعتبار متعلقة بنمط الحياة الحديثة والعادات واهمها ان الفرد أصبح بحاجه لان يعمل فأكثر من عمل وتعدد المهام في نفس الوقت يعرضه لضغوط وكذلك قلة الاهتمام بالتغذية الصحية وانتشار العادات السيئة في تناول الغذاء وقله النوم والتوتر وأحيانا الاكتئاب الذي قد يكون له اسباب طبية وكذلك الانيميا او الاثار الجانبية لكثرة التعرض للشاشات.
ما يشد التركيز برأيي هو الاهتمام، فالطفل قد يجلس منتبهاً لفيلم كارتوني عدة ساعات، لكن لا يستطيع أن يركز عشر دقائق في مسألة رياضة يكرهها، لذلك أرى أن حل التركيز هو أن نخلق الاهتمام أكثر من أي حل آخر.
يصنع الفيلم ليجذب المشاهدين فيظلوا مندمجين بالتشويق وموضوع القصة والمؤثرات الصوتية مما يحفز الدماغ علي التركيز والعكس بالنسبة للفيديوهات القصيرة فهي تعلم الدماغ أن ينتقل من معلومة سريعة إلى قصة قصيرة سريعة وغيرها مما يجعلنا نتعود علي المكافأت السريعة باستمرار مما يقلل تركيزنا.
بعض الأفلام تعتمد على التشويق في نهاية الفيلم فقط، حتى أننا نسمع البعض يشكو أن فلان حرق له نهاية الفيلم، وعلى ذلك يظل الإنسان يشاهد كامل الفيلم بتركيز حتى يصل للنهاية وهذه مكافأة ليست سريعة بل العكس.
أظن أن الريلز لم تقم بتعديل عقلنا بل كشفت ببساطة طريقة عمله الأصلية.
العقل فعلًا يحب المكافآت السريعة، لكن والريلز ضخمته وجعلت الدماغ يدمن المكافأة السريعة. رغم أن الفيلم الطويل يشدنا للنهاية، لكنه يمر بمراحل وصبر، بينما الريلز تلغي التدرج. فهل هذا طبيعي ونستسلم، أم ندرب عقولنا ترجع تتحمل التفاصيل الطويلة؟
الاعتياد على الفيديوهات القصيرة يغيّر طريقة تعامل الدماغ مع المعلومات يجعل التركيز على محتوى طويل صعبًا لكن ممكن نعيد تدريب العقل على الانتباه يمكن تجربة تقسيم المحتوى الطويل إلى أجزاء قصيرة وممارسة القراءة اليومية أو الاستماع لمادة تعليمية بتركيز تدريجي مع فترات راحة بهذه الطريقة نعيد لأنفسنا القدرة على التركيز لفترات أطول وتعود متعة التعلم والفهم تدريجيًا
التعليقات