نحن لم نصنع إنجازاتنا بل هي نتيجة الإمكانيات المتاحة لنا

فهي مبرمجة للقيام بخطوات نمطية دقيقة قام بها الآخرون للوصول إلى نتيجة من إبداعك لم تسبق إليها..

ولهذا تحديدا أرى أن التقدم التكنولوجي يحد من قدراتنا الإبداعية والنقدية إلى حد ما؛ فمجرد إتخاذنا لأنماط أو أعمال قام بها الآخرون كأساس لأعمالنا الإبداعية، يفقدها جزءا ولو قليلا من أصالتها..

فمثلا لو قبل كوبرنيكوس كل الخطوات البحثية التي سبقته واتخذها أساسا للبناء عليها، لما توصل لإبتكار نظريته حول مركزية الشمس بدلا من الأرض!

رغم وجاهة الفكرة بأن التكنولوجيا أداة تعتمد على إبداع المستخدم، إلا أن القول بأنها لم تسلبنا الإحساس بالإنجاز قد يكون تبسيطًا للمسألة. التكنولوجيا في بعض الحالات لم تكن مجرد أداة محايدة؛ بل أعادت تشكيل مفهوم الإنجاز نفسه، مما أدى إلى إحساس فارغ أو متكرر عند تحقيقه.

خذ، على سبيل المثال، الإنجازات التي تتطلب جهدًا يدويًا أو وقتًا طويلًا سابقًا، مثل كتابة مقال أو إنشاء عمل فني. اليوم، أدوات التكنولوجيا تجعل تحقيق هذه الإنجازات أسرع بكثير، ما قد يُفقد البعض الشعور بالإنجاز الحقيقي نتيجة لغياب العمق العاطفي والجهد الممتد المرتبط به

لكن، أليس من الممكن أن الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا قد جعل الأداة نفسها تُطغى على الجهد البشري في بعض الأحيان؟ إذا كانت التكنولوجيا توفر قوالب جاهزة أو حلولًا سريعة، فهل يبقى "الإبداع" دائمًا بنفس العمق والقيمة كما كان في السابق؟

ربما يكون هناك خطر في أن نخلط بين توظيف الأدوات بذكاء وبين الاعتماد المفرط عليها، بحيث تصبح الأداة هي المحرك الأساسي، وليس الرؤية أو الجهد البشري. هل يمكننا حقًا فصل الإبداع عن التكنولوجيا في عصرٍ تُشكل فيه الأدوات كثيرًا من حدود وممكنات الإنجاز؟