لا زال معظمنا في مرحلة اكتشاف الذكاء الاصطناعي والانبهار بتطبيقاته المتنوعة إلى حد المبالغة والمغالاة أحيانًا في وصف إبداعه وذكائه متجاهلين الكثير من الاعتبارات الأخلاقية والاجتماعية والقانونية التي قد تنجم من خلال الاعتماد المفرط على هذه التطبيقات، وأحد هذه الاعتبارات التي بدأ النقاش يُثار حولها هو مصدر المعلومات التي دُرّبت عليها هذه التطبيقات وهل اعتمدت على بيانات محمية بحقوق النشر لتدريب نماذجها دون إذن أم لا!

قد لا يشكل الأمر مشكلةً في حال اكتساب الحقائق العلمية كالفيزياء والرياضيات والبرمجة من هذه التطبيقات لما توفره من وقت في البحث وزيادة في الإنتاجية، لكنه قد يكون أمرًا جوهريًا في حال الأعمال الأدبية والفنية التي تعد بمثابة بصمة تُميّز أصحابها، ما يدفع للتساؤل ماذا لو كانت تطبيقات الذكاء الاصطناعي تُنتج النصوص والأفكار والصور من الكتب والروايات واللوحات الفنية التي تخضع لحقوق الملكية ثم تعيد إنتاجها وتنسبها لنفسها! ألن يكون هذا انتهاكًا لحقوق الملكية الفكرية!

ولعلّ صحيفة نيويورك تايمز كانت السبّاقة إلى ذلك كأول مؤسسة إعلامية كبرى ترفع دعوى قضائية ضد منصات الذكاء الاصطناعي بسبب قضايا حقوق النشر، حيث قامت الصحيقة منذ أيام بمقاضاة شركتي أوبن إيه آي OpenAI ومايكروسوفت اللتين أنشأتا تشات جي بي تيChatGPT وقالت إنهما لم تحترما حقوق نشر الصحيفة عبر محاولة الشركتين الاستفادة مجانًا من استثمار التايمز الضخم في صحافتها من خلال استخدامه لتأسيس منتجات بديلة دون إذن أو مقابل مادي.

ولا عجب أن نشاهد في المستقبل القريب مثول تلك الشركات التي تنشئ تطبيقات الذكاء الاصطناعي أمام القضاء بحيث تُعامل تطبيقات الذكاء الاصطناعي ككيان قانوني وتحمّلها المسؤولية في حال اكتشاف أنها تسرق أفكار الأدباء والكتّاب والفنانين المبدعين وتستخدم نتاجهم الفكري دون إذنهم.

برأيكم هل ستُسنّ قوانين واضحة بهذا الشأن في القريب العاجل تناقش شرعية استخدام مثل هذه المصادر وتتعهد بدفع تعويضات لأصحابها في حال انتهاك حقوقهم؟