إن قادتك الظروف يوماً لزيارة مدينة كاليفورنيا الأمريكية، ومررت بمحطة إطفاء ليفيرموري، فستجد مزاراً سياحياً عبارة عن "لمبة" منزلية عادية جداً، ولكنها ليست كأي لمبة، إنها تضيء بشكل مستمر منذ 122 عاماً، لم تتوقف خلالها إلا لسويعات بسيطة جداً لنقلها من المنزل الذي كانت فيه إلى مركز الإطفاء بالمدينة.

صنعت هذه اللمبة شركة "شيلبي للإلكترونيات"، في مدينة أوهايو الأمريكية، والتي تنتج الآن السيارات فائقة الجودة.

هذه اللمبة بسيطة جداً في تكوينها ولا تختلف كثيراً عن أي لمبة إضاءة منزلية سوى في سماكة الفتيل الخاص بها، والتي يرجح أنها من مادة الكربون.

تأخذنا هذه اللمبة إلى العديد من التساؤلات، مثلها مثل العديد من المنتجات المعمرة مثل السيارات المصنوعة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، والتي لازالت تعمل بكفاءة منقطعة النظير في الشوارع في العديد من دول العالم، في اختلاف واضح عن السيارات الحديثة التي لا تدوم بحالتها الجيدة لأكثر من خمسة أعوام بشكل متوسط، ثم تبدأ في التهالك.

هذه التساؤلات التي تدور في أذهان البعض.. إذا كانت الشركات قد استطاعت بالفعل صناعة منتجات تدوم لعشرات السنوات ولازالت تعمل بشكل جيد حتى الآن، فلماذا تأثرت جودة المنتجات الحالية وأصبحت لا تعمر كثيراً مثل المنتجات القديمة؟؟

أليس من المفترض مع المسار الطبيعي للأبحاث والتطويرات أن تتحسن جودة المنتجات بحيث تصل إلى أقرب درجة ممكنة من الكمال لتصمد لمئات السنين بدلاً من عشرات السنين.

البعض تبنى نظرية تتهم الشركات بشكل صريح في أنها تحاول عن عمد تقليل جودة المنتجات وإضعاف خاماتها حتى لا تصمد كثيراً، وتفسد في أقرب فرصة ممكنة، ويلجأ المستهلك إلى شراء غيرها من جديد، فتدور عجلة الإنتاج وتربح الشركات أكثر وأكثر، فماذا لو أنتجت الشركات منتجات معمرة ذات عمر افتراضي طويل جداً؟! بالطبع لن تتلف المنتجات وسيحتفظ بها العميل للأبد طالما أنها تعمل، ولن تبيع الشركة بعد ذلك سوى عدد محدود جداً من المنتجات للعملاء الجدد فقط!

بل ووصل الأمر إلى اتهام الشركات باصطناع ما يسمى تطوير الموديل، بحيث يطرح كل سنة موديل جديد مختلف عن السابق ولو حتى في الشكل الخارجي مع بقاء الأساسيات واحدة، ويلعب على العامل النفسي لدى المستهلكين باقتناء الجديد من أجل التميز والشهرة.

والبعض الآخر برر الأمر بنظريات مختلفة .. منها على سبيل المثال شركات السيارات التي بررت ضعف صلابة الخامات المستخدمة في صناعة هيكل السيارة بأنها تحاول الوصول لأقصى درجة من الأمان للحفاظ على حياة الركاب مقابل دمار السيارة، لذلك احتاجت لخامات لينة تمتص الصدمات بعيداً عن الركاب، وقد تكون هذه حجة مقبولة، ولكن ماذا عن الأجهزة الكهربائية والهواتف المحمولة والأثاثات والأدوات والعدد والملابس وغيرها.

فبرأيك، هل تتفق مع ما تقوم به تلك الشركات ومع مبرراتها لهذا الأسلوب؟ أم ترى أنها سياسة استغلالية جشعة لفرض شراء المنتجات كل فترة على المستهلك وضمان ثبات الأرباح بشكل مستمر؟