وأخيرا، وبعد ربع قرن من التجهيزات، ومليارات من المدفوعات، تم بحمد الله إطلاق تلسكوب جيمس ويب في الفضاء أواخر العام الماضي . . . . . 

بالتأكيد، سمعت هذا الخبر يتردد كثيرا في الأوساط العلمية في الشهور الماضية. وقد تتساءل يا صديقي عن سبب الاهتمام العالمي بهذا التلسكوب تحديدا. صراحة، سؤال مهم لا يجب علينا تجاهله. ما رأيك برحلة خاطفة يا صديقي نطلع فيها معا على هذا التلسكوب الجديد، لنعلم السبب الذي أكسبه هذه الأهمية الفائقة. موافق؟ حسنا، ما الذي ننتظره؟ هيا بنا!

بدايةً، عليك يا صديقي معرفة أن تلسكوب جيمس ويب استغرق أكثر من خمسة وعشرين عاما من العمل والبحث العلمي حتى يكون مناسبا للإطلاق. فهو يعد ثمرة عمل آلاف العلماء والمهندسين والفنيين الذين بذلوا قصارى جهدهم ليصل التلسكوب إلى الصورة المثلى والفضلى. كل هذا العمل الدؤوب يا صديقي كان تحت إشراف ثلاثة من أكبر وكالات الفضاء في العالم؛ ناسا NASA، بالإضافة إلى كل من وكالة الفضاء الأوروبية ESA ووكالة الفضاء الكندية CSA ASC.

البداية الحقيقية للتلسكوب يا صديقي كانت عام 1996. في ذلك الوقت كان قد مر ست سنوات فقط على إطلاق تلسكوب هابل الفضائي. - بالطبع تعرفه يا صديقي! - في ذلك الوقت كان هدف العلماء هو إنشاء نسخة متطورة من تلسكوب هابل يكون له مدى أكبر للرصد. أظنك تتطلع لمعرفة سبب تسمية التلسكوب بـ (جيمس ويب )، أليس كذلك؟! حسنا، لا بأس. سمي التلسكوب بهذا الاسم يا صديقي تكريما لـ (جيمس إدوارد ويب ) مدير وكالة ناسا NASA في فترة الستينيات. 

مرت السنون والعقود، وفي كل مرة يا صديقي يقترب موعد إطلاق التلسكوب يحدث أحد أمرين: إما أن يتم تأخير الإطلاق بسبب أشياء خارجة عن إرادة البشر مثل أحوال الطقس، أو يكتشف العلماء أنه غير مناسب بعد للإطلاق، وأنه ما زال بحاجة إلى تطوير وتحسين. تقنيات علمية ثورية استخدمت في هذا التلسكوب حتى أصبح فعلا معجزة علمية، وطفرة فلكية. وبعد أكثر من عقدين من الزمان، يصل التلسكوب أخيرا لصورته النهائية، ويتم إطلاقه بنجاح على متن الصاروخ أريان Ariane 5 في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر عام 2021. 

قد تسألني يا صديقي، ما هو الهدف من هذا التلسكوب؟ لماذا كل هذا الإنفاق المادي الضخم؟ ولماذا كل هذا المجهود العلمي الهائل؟ 

ببساطة شديدة، هذا التلسكوب سيستطيع رصد الفضاء بدقة شديدة. تلسكوب جيمس ويب يا صديقي يعد أقوى من تلسكوب هابل بأضعاف مضاعفة. فلك أن تتخيل يا صديقي ماهية التفاصيل التي سيقوم تلسكوب جيمس ويب برصدها وإرسالها إلينا. هذا بالإضافة إلى أننا سنستطيع تحديد تاريخ مجرات بالكامل من خلاله. ليس هذا فقط يا صديقي، بل سيقوم هذا التلسكوب أيضا برصد الأغلفة الجوية الخاصة بالكواكب البعيدة وتحديد مكوناتها، مما سيساعدنا على معرفة ما إن كانت هذه الكواكب صالحة للحياة أم لا. وبالتالي، نكون قد اقتربنا خطوة أخرى من إجابة السؤال الأزلي: هل نحن الوحيدون في هذا الكون؟!

إن ظننت يا صديقي أن هذا كل ما يستطيع تلسكوب جيمس ويب فعله فأنت مخطئ. فهناك العديد والعديد من الأشياء الأخرى التي لم أذكرها والتي يستطيع هذا التلسكوب فعلها. إجمالا، أنا فعلا لم أبالغ عندما قلت أن هذا التلسكوب طفرة حقيقة في عالم الفلك والفضاء!

والآن يا صديقي بعد أن علمت العديد من المعلومات بخصوص هذا التلسكوب، ما الذي تتوقعه بالنسبة لمستقبلنا كبشر في علوم كالفضاء والفلك؟ وهل تظن أننا فعلا أصبحنا على وشك الإجابة على العديد من الأسئلة التي لطالما حيرتنا، أم مازال الطريق أمامنا طويلا؟