التخلّي عن شبكات التواصل صعب، لكن هناك ما هو أصعب.

عندما تترك صفحة من صفحاتك على الشبكات الاجتماعية، قد يمرُّ وقتٌ طويل من دون أن يلاحظ أحد. لكنَّك إذا توقّفت عن الرسائل الفورية بين عائلتك وأصدقائك، قد يُرسلون على بيتك -بعد يوم أو يومين- محققًا من الشرطة مع كلب يتحسّس روائح الجثث!

المشكلة أنَّ الحديث في المحادثات الفورية، إذا صار دأب المرء وعادته، ليس من سمات الحياة العميقة، أي الحياة التي يكون فيها المرء مُركّزًا مُنتبهًا على ما يفعل. لن تستطيع أن تُركِّز إذا كنتَ تذهب لفتح رسالة بعد كل أربع دقائق!

هناك نصيحتين تُطبَّق في هذا الشأن، والتي ستجعلك تُقلّل من المحادثات الفورية، وفي نفس الوقت تقلّل من الضرر الناتج من هذه التخلّي، وتقلّل حتى من احتجاج الناس. الناس سيبقون يحتجون دائمًا، لكن مع هذه النصائح يقل احتجاجهم قليلًا!

الاعتذار بدلًا من التوجيه

وقعتُ في خطأ في الماضي، حينما قررت أن أقلّل من الرسائل الفورية، كنت أقول لهم:

"حسنا، أنا أريد التركيز، ورسائلكم تُشتتني، إليكم ما سأصنع، سأحذف التليجرام، وأفتحه في وقت أختاره أنا، ارسلوا رسائلكم وسأراها حين أريد"

هذا الرد يولّد امتعاضًا لدى الناس، يُشعرهم بأنّك متكبّر، وتحاول تفضيل مصلحتك الشخصية على مصلحة الآخرين.

الأفضل أن تحوِّل إلى اسلوبك مباشرة، أن تمسح التليجرام مثلًا، وتفتحه بالوقت الذي تختاره، وتتأخّر عن رسائلهم، ثمَّ تعتذر!

"مرحبًا فلان، سألتني عن كذا وجوابه كذا، بالمناسبة أعتذر عن التأخّر، لا أفتح التليجرام عندما أكون مشغولًا"

الموضوع ليس مزعجًا لدرجة كبيرة في هذه الرسالة، فهم حصلوا على ما أرادوا، ووجدوا اعتذارًا منك!

في المرّة القادمة، سيتوقّعون أنّك لن تكون موجودًا دائمًا على الرسائل، سيتصالحون مع فكرة تأخّرك. هذه المصالحة قد تدفعهم لعدم إرسال بعض الرسائل غير الضرورية!

وفّر سلمًا للهروب

لا يكفي أن تعتذر عند التأخّر، ففرضًا كان لأحدهم حالة طارئة، كيف سيتواصل معك؟ كيف سيخبرك مثلًا إنّه قادم لمنزلك فهل يتوقع وجودك؟

وفّر مخرجًا للناس، يستطيعون الإتصال بك حين الحاجة، هذا سيعطيهم أمانًا نفسيًا أنّهم سيجدونك. لكن إجعل هذا المخرج صعبًا في الحالة العادية، ولا يسلكه الناس إلّا للضرورات، كأن تجعلهم يتّصلون بك على الشبكة المحلّية.

في فترة من الفترات كنتُ أضع هذه الرسالة على البايو في التليجرام

مرحبًا، لا أفتح التليجرام إلّا من الحاسوب، أعتذر عن الإجابات المتأخّرة! هذا رقمي XX للطوارئ.