يا لها من مأساةٍ حين يصبح الحِضن الذي خُلق للأمان هو ذاتُه الفخّ الذي تُغتال فيه الأحلام…

في مسلسل مناير وأربع كناين، لا تقف المأساة عند حدود الدراما، بل تتسلّل إلى عمق النفس؛ أمّ تُناور القدر، تخيط الخيبة بخيوط الخداع، وتغزل حول ابنتها أسوارًا من الحرمان، كلّما اقترب منها نصيب أطفأته بيدها خوفًا من أن تبقى وحيدة.

كانت تقول لابنتها بصوتٍ رقيقٍ يحمل سُمًّا خفيًّا:

> "اصبري، لم يأتِ نصيبك بعد."

ولا تعلم البنت المسكينة أنّ الأم هي من تقف على بوابة النصيب، تُغلقها كل مرة وتبتسم

كيف يمكن لقلبٍ أن يحمل أمومةً وأنانيةً في آنٍ واحد؟

وكيف لأمٍّ أن تطعن ابنتها في خاصرة الأمل، ثم تُصلّي كل مساء بأنها “تحبّها”؟

تعيش الابنة في صراعٍ لا يُحتمل؛ كل دعاءٍ يعلو منها نحو السماء، تصده مؤامرةٌ أُمّيةٌ من الأرض. كل رجاءٍ للزواج، يقابله وعدٌ كاذب بالانتظار. حتى إذا انكشف الغطاء، سقطت قداسة الأم من عينيها، وارتجف إيمانها بالعدالة. أتُراه الله راضٍ بهذا؟ أتُراه سيسكت عن دموعها التي سُكبت في صمت؟

لكن الله لا ينسى.

الذين يظلمون بأسمى الروابط، يحفرون قبورهم في القلوب قبل أن يحفرها الزمن. سيأتي يومٌ تعرف فيه تلك الأم أن الوحدة التي هربت منها، ستعود إليها أضعافًا مضاعفة، حين تبتعد عنها القلوب التي خدعتها.

وسيأتي يومٌ آخر، تُشرق فيه حياةُ الابنة من رماد الصبر، ربما بزوجٍ كريمٍ يداويها، أو بطمأنينةٍ تُسكّن روحها وتُعيد ثقتها بالله، لا بالبشر.

لأن الله، وإن تأخر، لا يخذل من وُئدت أحلامه ظلمًا.

وستعلم تلك الابنة، بعد وجعٍ طويل، أن العدالة لا تُقاس بسرعة ظهورها، بل بصدق وعدها.

وأن النصيب، مهما أُغلقت أبوابه، سيطرق ذات يومٍ من حيث لا تحتسب.