أنا كثيرًا ما أحب الأعمال التي تختبر الإنسان عندما تقدم له تحديات لم تكن في الحسبان، ولهذا فلنتخيل أن القدر ربطنا بشريك حياة مؤذي نفسيًا لأبعد الحدود، ولا تكفي شخصيته المضطربة وحدها لتفسد حياتنا، بل عائلته كذلك يمارس كل فرد فيها كل أنواع التسلط والإهانة، ولكن تتفاجأ في اليوم الذي أردت فيه الإنفصال عن شريكك أنه مريض بمرض سينهي حياته خلال فترة معدودة، وهناك أمل ضعيف في العلاج. تلك هي المعضلة الصعبة التي وقع بها بطل العمل هنا، حين وجد نفسه حائرًا بين نيل حريته وسلامه النفسي وبين إنسانيته التي أشقفت قلبه قليلًا على مريضة غير معلوم إذا كان سيكتب لها النجاة أو الموت. حقًا القرار ليس سهلًا. من جهة فتقديم الدعم لشخص قد محى بداخلنا كل مسببات التعاطف معه هو أمر صعب، ولكن في المقابل صوت ضميرنا لن يصمت ونحن نلوح بأيدينا بعيدًا عن شخص قد يودع الحياة!
مسلسل queen of tears: ماذا لو علمت أن شربك حياتك الذي ربطتك به علاقة سامة وقررت الإنفصال عنه مريض بمرض خطير، هل تقف بجانبه أم تتخلى عنه؟
بمسلسل أهل الغرام كما أتذكر كان هناك حلقة تجمع قصي خولي وديما قندلفت بعنوان: حبيبي يا - هذه الحلقة يقوم بها قصي خولي من دون سابق إنذار بكسر قلب حبيبته والانفصال عنها وايهامها بأنه يواعد بنت غيرها، هذه المواقف أنهت قصة حب كانت قوية جداً بينهما وتعرضت البنت لكسرة غير طبيعية بسببه في قلبها ولكن ما أن سمعت أنه مريض سرطان في مستشفى بالبلاد حتى هرعت مباشرةً لزيارته رغم كل ما فعل لتكتشف أنه أصلاً تركها لذات السبب، كثير من الناس يغفرون الزلّات مباشرةً بأوقات يكون فيها الوضع غير طبيعي بمرض أو شيء أعظم، تأتي هذه الأحداث وتليّن قلبنا على من قسى علينا.
من الرائع أن تكون لدينا هذه القدرة على التسامح، ولكن أعتقد أن هذا الأمر مرتبط أيضا بعاملين الأول هو استمرار الحب رغم الألم وأعتقد أن هذا ما حدث في الحالة التي أشرت لها مع أنني لم أشاهد العمل ولكن أحساسي يدفعني لذلك، وهذه الحالة مفهوم قرارها هنا لأنها لم تستطع تجاوز حبها برغم الألم الذي سببه، ولهذا هي لن تقدر على تركه في هذه الحالة لأنها تعلم أنها ستتألم أكثر لو تخلت عنه مثلما تخلى عنها، والحالة الثانية أن نستطيع تجاوز الألم ونستعيد توازنا النفسي والعاطفي من جديد، في هذه الحالة الإنسان قد تخطى كل الأذى الذي سببه له الشريك فأصبح الأمر بمثابة صفحة بيضاء في العلاقة بينهما وعلى هذا الأساس سيتمكن من تقديم الدعم له في وضعه، ولكن إذا لم يتوفر العاملين أي عامل الحب أو عامل التخطي فهل تعتقد أن الإنسان قادر عن دعم هذا الشخص في هذه الحالة بعيدا عن المثاليات؟ أقصد أن تكوينه النفسي هنا هل سيسمح له بذلك؟
فتقديم الدعم لشخص قد محى بداخلنا كل مسببات التعاطف معه هو أمر صعب،
الذكريات بحلوها ومرها تشفع للناس وقت الأزمات، وفي الأزمات تظهر المعادن على حقيقتها، وكلٌ يعمل بأصله.
لكن إن صحت جملة أن الشخص محى كل مسببات التعاطف، فإن لم نتعاطف صار الاختيار سهل.
فإن لم نتعاطف صار الاختيار سهل.
لا بالعكس هو أصعب، لأن العاطفة تخبرنا بشيء والضمير والعقل يخبرنا بشيء آخر، في مشاعرنا نحن وصلنا لأقصى درجات النفور من هذا الشخص، ولكن مرضه أتى ليضعنا في مأزق حقيقي أمام إنسانيتنا، صراع داخلي ما بين هل أغلب مشاعري وابتعد حتى أكسب نفسي من جديد أم سأعد شخص أناني ومعدوم الرحمة لترك شخص مريض وعلى حافة الموت؟ إحساس الذنب يجعل القرار في كل الأحوال ليس سهلا، علينا التخلي عن شيء في داخلنا حتى نأخذ أحد القرارين، فما برأيك ما يجب التخلي عنه في هذه الحالة؟
وصلنا لأقصى درجات النفور من هذا الشخص
العقل والضمير اللذان يخبرانا أن نتعاطف مع من أوصلنا لأقصى درجات النفور؛ عليهما أيضًا أن ينصحانا بأن هناك أشخاص آخرين علينا أن نهتم بهم، فكيف نضيع أوقاتنا وأعمارنا مع من أوصلنا لهذا الشعور؟
لكني أرى لو بقي جزء من التعاطف، أي إن لم نصل لمثل تلك الحالة التي وصفتيها، فعلينا البقاء، فهذا ما يخبره الضمير والعقل، بل والمنطق.
الأمر يعود بالنسبة للشخص وقدرته على الغفران، ولا يمكن لوم من لا يقدم المساعدة، ولكن عن نفسي سأقدم المساعدة أي كانت سواء مادية أو معنوية، بمبدأ "من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا" وهذا هدف المساعدة فلا أحد يعلم ما هي المساعدة التي يحتاجها هو شخصيا في مواقف مختلفة ويأتيه الفرج من حيث لا يحتسب.
ولا يمكن لوم من لا يقدم المساعدة
المشكلة هي لوم الإنسان لنفسه على عدم المساعدة، إحساس الذنب هو ما يعقد المسألة ولا يجعل القرار سهلا أبدا، لأنه يشعر الإنسان بالأنانية أو القسوة لأنه اختار التخلي عن شخص في وضع حرج، برغم كل الأذى الذي سببه، ولكن إذا أتى المرض بقوة بحيث انتقم من صاحبه على كل شيء فعله، سيشعر الطرف الآخر بالذنب تجاه ما أصابه، فكيف برأيك يمكن التغلب على هذا الشعور في هذه الحالة؟
أنا سأفضل الابتعاد مع تقديم المساعدة الإنسانية لأن بقائي لن يغير شيئا وانفصالي لن يغير شيئا أيضا.
وطالما أن العلاقة سامة وهذا الشخص مؤذي فسيكون بعد إصابته بذلك المرض ساما أكثر حتى لا يقع تحت طائلة التعاطف.
فسيكون بعد إصابته بذلك المرض ساما أكثر.
وربما يتغير تماما بسبب المرض، أو ينهي المرض قواه بحيث لا يعد قادرا حتى على التصرف كشخصه القديم، في هذه الحالة سيبدو كشخص ضعيف لا حول له ولا قوة، يثير شفقة أي إنسان يراه، فإن جعله المرض يكف آذاه هل تجد أن قرار البقاء سيكون أسهل أو أهون قليلا؟
وربما يتغير تماما بسبب المرض، أو ينهي المرض قواه
طريقة كتابتك هذه توحي لي أنه ليس مرض وإنما تخليص ذنوب بما فعله هذا الشريك في الناس 😂😂😂😂😂😂 😭😭😭😭😭😭😭. لذلك بالنسبة لي أنا سأتركه حتى يُكَفِّر عن ذنوبه أكثر ويذهب إلى ربه خالصا مخلصا فيدخل الجنة وبهذا سأكون قد أفدته وأفدت نفسي في نفس الوقت. 😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
بعض الابتلاءات هي تكفير لذنوب قد ارتكبناها بالفعل، ولهذا يقال أن العبد الذي يحبه ربه يبتليه، وقد شهدت على تغير شخصيات بعض الناس عندما يقترب الموت منهم، البعض يتعظ ويسعى لكي تكون خاتمته في الدنيا مثلما يرضى الله ويحب، والبعض حقيقة يكون معمي على قلوبهم فلا يتعظون ولا يغيرون شيئا في أنفسهم، فأسأل الله أن تكون حسن الخاتمة من نصيبنا جميعا.
وبالعودة للمساهمة أعتقد أنني سأختار العكس وسأقرر مساعدته إذا التمست تغيره بالفعل، فالأمر سيكون بمثابة مساعدة إنسان آخر غير من عاهدته وعشت معه.
التعليقات