كثيرون يخلطون بين أن تكون «معزول» وأن تكون «وحيدًا».

فالعزلة حالة جسدية، أن تكون بمفردك بعيدًا عن الآخرين، بينما الوحدة حالة شعورية، أعمق وأكثر قسوة، حين تشعر بانفصالك عن العالم حتى وإن كنت محاطًا بالناس.

يمكنك أن تملك أصدقاء، علاقات، أو مجتمعًا كاملًا حولك، ومع ذلك تشعر أن هناك شيئًا مفقودًا… أن لا أحد يراك حقًا، أو يسمعك كما أنت.

هذه الفكرة، فكرة الاغتراب الداخلي، أصبحت من أكثر المواضيع حضورًا في السينما الحديثة.

فأفلام كثيرة تناولت الوحدة، اللامبالاة، العزلة، والاغتراب باعتبارها مشاعر إنسانية مشتركة تتجاوز المكان والزمان.

وغالبًا ما تُستخدم هذه المواضيع معًا في الأفلام التي تتناول الاضطراب النفسي، الإدمان، البقاء، الانفصال عن الواقع، أو حتى البحث عن الذات.

الوحدة ليست مجرد حالة، بل تجربة وجودية تجعل المشاهد يرى جزءًا من نفسه على الشاشة، حتى لو لم يعترف بذلك.

أؤمن بأن الوحدة من أكثر الثيمات صدقًا في السينما، لأنها ببساطة تعبّر عن تجربة يعيشها أغلبنا في مرحلة ما من حياته.

حين تُقدَّم بصدق وعمق، فإنها تخلق أفلامًا مؤثرة تلتصق بالذاكرة، لأن المشاهد لا يشاهدها فحسب، بل يعيشها.

تلك اللحظات الصامتة، النظرات الطويلة، الموسيقى الخافتة، كلها أدوات تحكي ما لا تستطيع اللغة أن تقوله.

لكن ما السبب وراء شعبية هذا النوع من الأفلام؟

ربما لأن أغلب الجمهور يعيش نوعًا من الوحدة، فيبحث عن ما يُشبهه.

حين يرى شخصًا على الشاشة يعاني الشعور نفسه، يشعر ببعض الطمأنينة، كأنه يقول: «لست وحدي في هذا العالم الرمادي».

وربما لأن هذه الأفلام لا تحاول إقناعك بالسعادة أو تقديم حلول جاهزة، بل تكتفي بأن تضع مرآة أمامك، لتراك كما أنت.

أفلام الوحدة ليست كئيبة كما يظن البعض، بل عميقة وإنسانية.

إنها تجعلنا نرى هشاشتنا، لكنها في الوقت ذاته تذكّرنا أننا ما زلنا قادرين على الشعور، على البحث عن معنى، وعلى التمسك بما تبقّى من دفء في هذا العالم البارد.

ولمن يرغب في الغوص أكثر في هذه التجربة السينمائية الفريدة، إليك بعض الأفلام التي تناولت الوحدة ببراعة وصدق:

Her (2013)

Taxi Driver (1976)

Lost in Translation (2003)

ما الفيلم الذي جعلك تفكر في معنى الوحدة؟

شارك رأيك في التعليقات، فربما في الحديث عنها، نجد جميعًا ما يجعلنا أقل وحدة.