متى تصبح حماية الأبناء سجنا لهم؟ من مسلسل Black Mirror

ربما أزيد على كلامك يا زياد ماهو أشد من هذا، إذ يمكن أن يصبح الأباء أكثر من مجرد سجن بل يصبحون خطر نفسي وجسدي على الأبناء لطول العمر، مع الأسف أغلب حالات الترومات الصعبة سببها حب الأباء المفرط وحمايتهم الزائدة عن الحد، على عكس ما يعتقد البعض بأن الإهمال والتعنيف هو الوحيد الذي يسبب هذه الصدمات، في الحقيقة الحب والحماية الشديدة و الكره والاهمال والتعنيف كلاهما وجهان لعملة واحدة، من تتبعي لحالات الجريمة والتطرف والمجتمع، لاحظت أن العديد من حالات الجريمة تكون من أشخاص تربوا بطريقة متطرفة جدا، أما حب ودلال مفرط أو اهمال مفرط.

أرى أن الحماية مطلوبة، ولكن بحدود. فالأبناء بحاجة إلى أن يختبروا الحياة بأنفسهم، وأن يتعلموا من التجربة والخطأ، حتى وإن كان في ذلك بعض الألم. دور الأهل أن يكونوا سند ودعم، لا رقابة دائمة تخنق الحرية. حين يخاف الوالدان أكثر من اللازم، يظنان أن السيطرة والمنع وسيلتان للحماية، لكن النتيجة تكون العكس، إذ يصبح الأبناء ضعيفي الشخصية وغير قادرين على اتخاذ القرار. فالحب الحقيقي لا يعني منع الأبناء من السقوط، بل الوقوف بجانبهم عندما يسقطون، ومساعدتهم على النهوض مجددًا. الحماية تتحول إلى سجن عندما تُفقد الأبناء حريتهم في التجربة، وتمنعهم من النمو والنضج.

هذا الوضع يكون صعبًا ومعقدًا على أرض الواقع وكلًا من الأهل و الأبناء لديهم عذره وأسبابه، فالأم مما رأت وعاشت تجارب صعبة تكون خائفة من أن يحدث للأبناء نفس ما حدث معها أو أن تتكرر معهم نفس التجارب السيئة ويعانوا مثلها أو تفقدهم فهذا كابوس لأي أم، بينما إذا نظرت للأمر من ناحية الأبناء فسنجد أنهم لم يمروا بتلك التجارب الصعبة بعد أو ربما لن يمروا بها أبدًا لذلك خوف الأم بالنسبة لهم غير مبرر وخانق وقد يعوقهم عن النمو والعيش بحرية أو قد يحولهم في حالات أخرى لجبناء يخشون من كل شيء في الحياة.