أحيانًا لا تحتاج الهداية إلى موعظة، ولا التوبة إلى معجزة. كل ما تحتاجه هو كلمة، قيلت بمكر، لكنها وقعت في القلب كما يقع الضوء على غرفة مظلمة منذ سنين.
كلمة قالها طبيب: "لديك ورم في دماغك، ولم يتبقَّ من حياتك سوى ثلاثة أشهر."
قيلت بنية خبيثة، لا من باب الرحمة، بل من باب الخداع. ولكنها أصابت القلب في مقتل.
لم يكن "هو" إلا إنسانًا تائهًا، سجين شهواته، يتراقص على أنغام الغفلة في ملهى كان يملكه، ويملك معه قلبه وروحه. لكن الصدمة دفعته لأن يحمل قدميه إلى اللا مكان، إلى طريق لم يقصده، حتى انتهى به المطاف واقفًا عند باب مسجد.
وهناك، عند الباب الذي لا يُغلق أبدًا، خرت روحه قبل جسده ساجدة، تائهة بين الندم والرجاء، تستجدي الله غفرانًا وحياة جديدة.
علّمه الإمام معنى التوبة، لكنه لم يكتفِ. قال له: "ردّ الحقوق، صِل رحمك، لا يكفي أن تبكي لله في سجدة وتنسى المظلومين خلفك."
وفعل. رد ما كان له من أموال لأهله، لزوجته، حتى للراقصة التي عرفها في طريق الضياع، وأهداها الملهى. أما ماله الباقي، فقد صار وليمة للفقراء أمام المسجد.
وهنا، حين ظن أن الفصل الأخير قد كُتب، أغمي عليه من جديد.
لكن هذه المرة، لم تكن النهاية كما صُوّرت له.الورم؟ لا وجود له.الطبيب؟ كاذب.
أخته، زوجته، والعاملون لديه؟ شركاء في خدعة دنيئة، أرادوا بها أن يستولوا على ثروته... فخسِر كل شيء.
ومع ذلك، لم يعد كما كان.
لم يغرق في الضياع كما سابقًا، لكنه لم يترك حقه يُسلب أيضًا.
انتقم، لا بروح الجريمة القديمة، بل بروح الإنسان الذي عرف الله، فعرف عدله.
الرسالة؟
أن الله قد يسوق لك الهداية من حيث لا تحتسب.
قد تكون النية سيئة، والفعل خبيثًا، لكن أثره قد يهديك إلى طريق النور.
فكم من مكيدة، كانت نعمة؟
وكم من شرّ، كان باب خير؟
التعليقات