يحكي المسلسل ضمن خط مهم من الأحداث عن مشعل حرائق يتسبب في قتل العديد من الناس بسبب حالة غضب تجتاحه نظراً لتنمر الناس عليه وعنصريتهم ضده لكونه أسود وفقير، وفي حقيقة الأمر كان لدي صديق يعمل معي بالشركة توطدت صداقتنا أكثر ، وكان هذا الشخص طيب للغاية ويمكن القول أنه بسيط العقل حيث يرى العالم مكون من لونين فقط أبيض وأسود، لذا تعرض لسخرية مستمرة ممن حوله ومشاكل لا حصر لها ، والأخطر أنه تعرض للأعتقال لسيره بالمصادفة بجانب أحد المظاهرات ، وتعرض لبعض المشاكل داخل المعتقل تتعلق بانتهاك الحقوق وبصراحته المفرطة (حيث يقول كل ما يخطر بباله) ولكنه خرج من المعتقل مع شهادة صحية بمعاملة الأطفال ، هذا الصديق بحقيقة الأمر لم يكن غبياً بأي شكل ، وفي ظروف أخرى كان ليكون له شأن أكبر حيث أنه كان يحاول دوماً أن يتحلى بروح إيجابية حيال مجتمع يرى أغلب من فيه في كل شخص طيب هو شخص ساذج يجب أستغلاله، ما يهم هنا أنه تحول من شخص يحمل أفكار إيجابية حيال لإصلاح المجتمع لشخص بقلب أسود يستعد لإرتكاب أي نوع من الجرائم أن لاحت له الفرصة، وفشلت كل محاولتي في محاولة إعادته للتفكير المعتدل .. وبدأت أشعر أنه لا يشكل حتى خطر على نفسه ولكن على كل من حوله فأصبحت أسمع عبارات خطيرة تؤكد على أستعداده لارتكاب جرائم معينة (خطيرة) فأضطررت لتخفيف علاقتي معه لأقل درجة وأنا أدرك أنني بالفعل يمكن أن أكون أمام مشروع مجرم محتمل بسبب ظروف تساعد في تأجيج الطبيعة الإجرامية لديه .. وأنا أشعر أحياناً بالذنب ، وفي أحيان أكثر بأنني تصرفت بشكل صحيح وأفكر في سؤال واحد واضح المجرم ضحية الظروف أهو مجرم حقاً أم ضحية؟
المجرم ضحية الظروف أهو مجرم حقاً أم ضحية؟ مسلسل Smoke.2025
هذا حقيقي يحدث بعد أن يتعرض شخص للتعذيب أن تتكون لديه دوافع إجرامية وحتى هو لا يرى مشكلة في ذلك بحيث يتوجه لطبيب ويطلب المساعدة لأنه يرى أن الجريمة أمر طبيعي.
من الجيّد ابتعادك عنه حتى لا تنالك مسؤولية أي عمل قد يقوم به فهذا يحدث، وعلى أهله أن يساعدوه للعودة للطريق الصحيح.
وكونه ضحية لا ينفي إجرامه لو ارتكب ذنب بحق أحد، فمهما كانت دوافعه أو رغباته لن يحاسبه القانون طالما هي مجرد رغبات، لكن لو تحولت لفعل وأذى شخص فهو مجرم في هذه الحالة.
أنا لا أنفي صفة الإجرام عن أي شخص يرتكب جريمة (حقيقية) يعاقب عليها القانون حتى لو كان مدفوعاً بالظروف ، ولكن الإشكالية تأتي فيما يدفع بالمجرم ليرتكب جرمه، فإن كان المجتمع سبب في تحوله لهذه الصورة أو النظام القانوني [مثل أعتقال شخص في مظاهرة سلمية ويتعرض بموجبها للتعذيب] في أي مكان في العالم يعد هذا الشخص غير مجرم بالمعنى المعهود ـ فهو لم يكن يخطط لجرم أو يسعى إليه بل دفعته الظروف القاهرة ليفعل ما يفعله ، لذا قبل أن نحاسب مجرم ما على جريمة ما يجب وضع الدوافع بعين الاعتبار ، والنظر لها ـ بل ومحاولة تغيرها حتى لا ينتج لنا المجتمع المزيد من المجرمين المدفوعين بسبب ظروف يمكن تغيرها.
لو فكرنا في جميع الجرائم والمجرمين بهذا الشكل، فلن نرى إلا ضحايا في كل مكان! صحيح أن الظروف أحياناً تكون قاسية وتدفع البعض للهاوية، لكن هذا لا يبرر ارتكاب الجريمة، وإلا اختلطت المفاهيم وضاعت المسؤولية، وصار كل معتدٍ مظلوماً وكل متضرر بلا حق، فالمهم أن نفرق بين من وقع تحت ضغط الحياة وواجهها بشرف، وبين من اختار الطريق السهل على حساب الآخرين، فليس كل من عاش الظلم يتحول تلقائياً إلى مظلوم في أفعاله.
لو فكرنا في جميع الجرائم والمجرمين بهذا الشكل، فلن نرى إلا ضحايا في كل مكان! صحيح أن الظروف أحياناً تكون قاسية وتدفع البعض للهاوية، لكن هذا لا يبرر ارتكاب الجريمة
لا أحد يبرر أي جريمة من أي نوع ، ولكن ربما لو تابعت يا صديقتي النقاش بأعلى ستجدي أن هناك محادثات تزدخم بمناقشة الفرق بين مجرم أرتكب جريمة مدفوعة بالظروف، وشخص أرتكب جرم سرقة أو قتل أو أختلاس أو أغتصاب وهو بكامل عقله وإرداته ، الظروف تقهر الأنسان في كثير من الأحيان ، وعندما يكون المجتمع سبباً في وجود وتهيئة تلك الظروف (دون أن يفكر في تغييرها) حينها يجب محاكمة المجتمع نفسه قبل مخاكمة المجرم أو في أقل أعتبار النظر ببعض من الرحمة لهؤلاء الأشخاص الذين أجبروا بفعل الظروف لارتكاب جرم دفعهم له المجتمع، والأهم يجب تغيير الظروف التي تسببت في دفع شخص كان ليعيش حياة مختلفة إن لم يتعرض لهذا الظلم .. وإلا أصبح لدينا مفرخة تدجن المزيد من المجرمين دون نهاية لتلك الحلقة المفرغة.
نعم هو ضحية الظروف بالفعل، والسارق أيضاً لأنه لم يجد عمل مناسب له، والمتحرش كذلك لأنه لم يتزوج ويرى النساء في كل مكان، والمرتشي كذلك لأنه يا حرام راتبه قليل والمسؤولية كبيرة.... هل ندرك فعلاً ما نبرر له ؟!
هو بسيط وعقله على قدره هذا ليس مبرر له علاج وله بيئة مناسبة، تعرض لمظلمة ما الجديد الجميع هنا مطحون وخالق الخلق قال إنها دار كبد وعناء، مهما حدث أنا لا أقبل أن ابرر أي فعل عنيف أو منحرف بدعوى أنه رد فعل على قسوة المجتمع.
نعم لا يصح أن نبرر حقده على الجميع ولكن حقده هذا مفهوم والسارق الذي لا يجد قوت يومه لا نلومه بقدر ما نلوم من فرضوا عليه الجوع و المتحرش نلومه ونلوم أيضًا من أغلوا المهور و فرضوا البطالة على الناس وأغلوا من السلع بحيث لا يستطيع أن يشتريها. نعم قد لا تكون الظروف مبررًا مقبوًلا ولكن يؤخذ في الحسبان وأعتقد معنى أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أبطل حد السرقة في عام الرمادة لقلة القوت فهو يقدر الظروف التي تُلجئ الناس إلى ما لا يريدون من سلوك. وأعتقد أن القاضي حينما يقضى بحكم على مجرم يعرف ظروف حياته وملابسات القضية وحالاته النفسية وجميع ما كان يحيط به من ظروف وأذكر أن فيلم جعلوني مجرمًا لفريد شوقي قد غير من قوانين أو سن قوانين جديدة وقتها.
لا تقول عمر وعام الرمادة، عام الرمادة كان القحط عام ولا أحد عنده مخرج سواء يعمل أو لا يعمل، لكن اليوم تجد أحدهم يسرق لأنه لا يكفي اسرته براتب عمل، لماذا لا تعمل بأثنين ولماذا لا تدبر نفقاتك ولماذا إذا انجبت خمس اطفال وأنت غير قادر ؟ أنا لا اتراحم هنا عام الرمادة شئ وما نحن به شئ آخر، إذا كان الأمر مقبول فأنا راتبي من المؤسسة خمس آلاف ونصف شهرياً بينما علاج أختي سارة فقط تكلفته ثلاثة آلاف ونصف وايجار الشقة ثلاثة آلاف تسمح لي أن اسرق منك ألف باقي الايجار واسرق من الآخرين ما يكفي للطعام والشراب والفواتير وبقية الاحتياجات ؟
نعم هناك فرق ولكن ألا تجد فارقاً بين من يسرق ليزداد غنى على غنى ومن يسرق ليعيش؟! أم أن الأمر سيان بالنسبة إليك؟! حقيقي أنا لا أبرر لا هذا ولا ذاك ولكن أقول أن أحدهما معذور والآخر لا.
المشكلة أيضاً عندما تجد أن الشخص الذي يسرق ليزداد ثراءاً قد يصل لدرجة من النفوذ التي تجعله فوق القانون هو وأسرته ، وكذلك الأمر مع من يكون لهم نفوذ سلطوي بالطبع أنا لا أتحدث عن بلد بعينه (لأن هذا يسري على كل بلاد العالم عموماً والبلاد العربية خصوصاً) فتجد أن هناك أشخاص فوق القانون فقط لأنهم يملكون المال أو السلطة والنفوذ ، وأشخاص أبرياء قد يتم محاكمتهم ظلماً على جرائم لم يرتكبوها ، فماذا تتوقع من الناس التي تتعرض لهذا الظلم البين ، بالتأكيد سيكون هذا الشخص مشروع لمجرم تسبب المجتمع بتحوله لذلك.
يوم القيامة لن يفرق الله بين هذا وذاك وسيكون كلاهما في النار لأن كلاهما سارق واحد متجبر وآخر يأس من رحمة الله فذهب للحرام بداعي النجاة
لا يا أخي لن يكون الحساب واحد بحال! ألم تقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال ما معناه أن مقت الله للشيخ الزاني أشد؟! إذا كان قاضي الدنيا يأخذ بالظروف فكيف بقاضي الدنيا والاخرة؟!
أنا لا أدفع عن مجرم بل أنظر للدافع الذي حوله لمجرم وأحاول تغييره حتى لا أنتج العديد من الأشخاص يتصرفوا بنفس الطريقةـ فالسارق إذا سرق لعلاج أبنه لأن ليس معه مال هو ليس مجرم حقاً ، والشخص الذي يتعرض للسجن والاعتفال ظلماً ليعامل كالمجرمين لا ينبغي عليك لومه وحده لكونه تحول مجرم يحمل ضغينة ضد القانون الذي سمح بظلمه أليس كذلك .
من الممكن ان الظروف تساهم في تشكيل مسار حياة الشخص وطريقته في التفكير
لكنها لا تجرده من حرية الاختيار اطلاقاً
المجرم، مهما كانت ظروفه واسبابه! هو اختار طريق الاجرام بارادة حرة كاملة (ما عدى ان كان غير مدرك عقلاً)
لهذا وبكل بساطة سنجد نموذجين عاشا في نفس الظروف لكن كل واحد اختار مسار مختلف! الاول قد يصبح مجرم والثاني قد يصبح مصلح او لايسلك طريق الاجرام
سواء كان ثرياً مدللاً، او كان فقيراً تعيساً
التعليقات