منصات المشاهدة المنزلية عززت دور الشركات وقيّدت دور الفنان المستقل

هيمنة الشركات الكبرى وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه المبدعين المستقلين هي القضية تعكس التحولات في هيكلية سوق الإعلام، حيث أصبحت منصات البث الكبرى "حراس البوابة" (Gatekeepers) الذين يملكون القرار في ما يُعرض وما لا يُعرض.

وقد نجد ذلك موجود بالفعل، مثلا عندما نفتح تطبيق نتفليكس، نرى في الصفحة الرئيسية توصيات لأفلام "الأكثر مشاهدة" و"الأفضل لهذا الأسبوع". هذه التوصيات تعمل بخوارزميات تُفضِّل الأفلام الضخمة التي تحظى بإقبال جماهيري، مما يقلل من ظهور الأفلام المستقلة، أو الأفلام الشابة التي عملت بميزانية معتبرة ولكن بجهد مضاعف.

ولكن لا يمكن أن نغفل أمر مهم أخر هو أن المشاهدون يميلون اليوم إلى استهلاك المحتوى السريع والموجه (مثل المسلسلات القصيرة)، وهو ما يدفع الشركات الكبرى إلى الاستثمار في إنتاج ضخم لمسلسلات تلفزيونية مستمرة. هذه التغيرات في التفضيلات قد تقلل من فرصة نجاح الأفلام المستقلة، خاصة إذا لم تتبع هذا النمط.

كيف ترى هذا المشهد؟ وكيف يمكن أن نجد متنفّس لهؤلاء المستقلين دون هذه القيود الممولة بشكل كبير؟

لعل أفضل هذه الحلول هي إما الاستمرار في التسويق الذاتي عبر المنصات المجانية، حيث يمكن للمبدعين استخدام يوتيوبلنشر أفلامهم بدلاً من الاعتماد على الشركات الكبرى. أو الاختيار الثاني هو إنتاج الأفلام القصيرة، حيث يمكن استخدام هذه الأفلام كوسيلة تجريبية للحصول على اهتمام المنتجين أو الممولين.

الحل يكمن في التسويق الذاتي الفعال عبر منصات متعددة يمكن من خلالها الوصول إلى الجمهور بشكل مباشر، مثل وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام، تيك توك، يوتيوب)، ومن خلال بناء قاعدة جماهيرية على هذه المنصات، يمكن للمستقلين أن يبرزوا ويسوقوا أعمالهم بعيدًا عن القيود الممولة من الشركات الكبرى، صحيح أن الجمهور يميل إلى الشركات الكبرى بسبب الموثوقية والترشيحات عبر الانترنت، ولكن مع الوقت يمكن أن يتوسع الاهتمام بالمحتوى المبتكر والمتنوع الذي يصل مباشرة إلى المتابعين من خلال هذه الوسائل.

كبداية إن كنت تتحدث عن صناع السينما المستقلة فيجب اولاً أن يكون لهم مدير إنتاج له رؤية إنتاجية لمعرفة إن كان الفيلم أو العمل يحتمل الطرح التجاري أم لا (هذا أولاً) فإن كانت مقومات الفيلم تحتمل التسويق تجارياً (حتى وإن كان منخفض التكلفة) فكل ما عليه ببساطة دراسة السوق وفي وجهة نظري وتحديد أي طريق تسويقي سيسلكه، هناك طريقتين فعالتين في تسويق أي عمل فني مستقل سأطرح واحدة منهم أختصاراً للوقت

كثيرين من المخرجين المستقلين يصنعون أفلام قصيرة تجارية ويتم طرحها للمشاهدين على منصة اليوتيوب مثل أفلام الرعب يستعرضون فيها ما يمتلكون من مهارات وخبرات في السرد والمونتاج والحكي والتصوير ويستخدمون عادتاً ميزانية صغيرة للتسويق عبر المؤثرين من النقاد وأصحاب قنوات المراجعات الفنية ليتم تقديم عملهم خلاله لجذب الجمهور المستهدف

ويحقق الفيلم نجاحه عبر 3 وسائل في تلك المرحلة

• إعلانات اليوتيوب القادمة منة المشاهدات
• الدعم الخاص بالقناة الذي يأتي من الجمهور يمنح الفيلم وصناعه مبالغ مادية في شكل مكافأت
• جذب نظر شركات الإنتاج وحتى المنصات التي تهتم من وقت لآخر للتعاون مع مخرجين وصناع أفلام مستقلين نظراً لقدراتهم الإبداعية وقدراتهم الهائلة على عكس ذلك في أعمال منخفضة التكلفة.

من يملك المال يملك أدوات توجيه الجمهور ولكن لحسن حظهم فتحت التكنولوجيا كالبث المباشر ومنصات الفيديو أبواباً جديدة أمام المبدعين المستقلين، مكنتهم من عرض فنونهم بحرية تامة دون قيود مالية أو مؤسسية. ولهم جمهور ضخم أيضاً , وأصبحوا على اتصال مباشر بجمهورهم، ومكنتهم بالتفاعل المباشر مع جمهورهم وبناء مجتمعات خاصة بهم.

لا أرى أن هناك متنفس لهم بصراحة وخصوصاً أن مثل هذه الشركات سيطرت على معظم الإنتاج الفني واستحوذت على انتباه النسبة الأكبر للمشاهدين، لذلك لكي ينجح أي عمل فني في الظهور يجب أن يكون مطابق لمعايرهم والتي تعتمد على الربح في المقام الأول.

ولاحظت مؤخراً أن معظم أصحاب الأفكار المبدعة واصحاب الرؤية الفنية بدأوا يستسلمون لمبدأ الربح تماماً