"لأن مُعظم الناس يودون شيئًا سهلًا ليقرؤنه ويصدقونه، ولأول مرةٍ على الإطلاق قمت بتأليف كتابٌ سيء! نعم هو بسيط وشيق وغير مُعقد، وأتفق معك أنه ليس بقطعة أدبية خُلقت لتعيش، ولكنه يُرضي رغبًة ملحة...وهذا أمرٌ قيم!"

"ثيلونيوس" كاتب أمريكي أسود اشتهر بالروايات المُركبة القيمة ذات المعاني العميقة والتي طالما نافست الكتاب البيض في عالم يتخلله العنصرية الظاهرة والمستترة. لم تلاقي رواياته الرواج المنشود فاضطر تحت وطأة الحاجة إلى المال ونصيحة مدير أعماله المذكورة بالمقدمة أن يقوم بإنتاج رواية تناسب ما يتطلع إليه عموم المجتمع الأمريكي مثل روايات سود البشرة المارقين وأفراد العصابات الذين ينتهي بهم الأمر مقتولين على يد الشرطة البيضاء، أو بسبب جرعة مخدرات زائدة!

ورغم رفضه الداخلي ومقاومته العنيفة للأمر، إلا أن المجتمع ظل يدفعه بعيدًا عن أحقيته في التعبير عن رغبة بني جنسه في ممارسة الحياة بشكل طبيعي مثله مثل غيره، وفرض عليه البقاء في إطار الصورة الإجرامية السنيمائية الشهيرة لسود البشرة في بلاد الحرية.

وفي مجتمعاتنا نجد الكثير من الفئات التي تأبى أن تتغير الصور النمطية التي يظهر بها غيرهم مهما كانت المبررات التي يسوقونها دفاعًا عن طلبهم للانفصال عن هذا القالب الظالم وممارسة أبسط حقوق حياتهم في أن يَكونوا هم أنفسهم وليس المسخ الذي يريد غيرهم إظهاره للعيان!

كثير من الأشخاص يمتلكون الهبات والمهارات والمواهب الإلهية التي تمكنهم من تحقيق إضافة جيدة لمجتمعهم ولأنفسهم، ولكن ضيِّقي الأفق وقِصار النظر لن يقبلون -على سبيل المثال- بأن يُقدم نشرة الأخبار عامل النظافة، فقط لأن مجتمع المشاهدين ربما لن يقبل بذلك، رغم أن هذا العامل -عظَّم الله شأنه- قد يمتلك الكثير من المهارات المناسبة لشغل هذا المنصب بجدارة، بل ربما يمتلك بالأساس شهادة علمية مكافئة أيضًا ولكن ظروف الحياة -وأحيانًا الضغوط الاجتماعية وتقدير الغير الخاطئ للموقف- لم تمنحه الفرصة ليكون بالمكان الذي يستحقه بالأساس.

كيف تقاومون هذه الظاهرة التي ربما تواجهونها في عملكم، في بيتكم، أو في حياتكم بشكل عام؟