فكرة الفيلم تستند إلى تجربة سجن ستانفورد للعالم فيليب زيمباردو، التي خرج منها بأن المواقف هي التي تحدد التصرف السيئ الذي يقوم به البشر، ففي الفيلم تم اختيار مجموعة مشاركين في التجربة نصفهم يصبح سجينا ونصفهم يصبح سجانا ومع مرور الوقت يتحكم السجان ويأمر السجين بأن يستمع إلى أوامره وينفذها وحينما يدرك السجان أنه يمكنه أن يتحكم في غيره، يزداد تعامله قسوة وتظهر تصرفاته السيئة، بناء على السلطة التي لديه والغريب هنا أن السجان فيما قبل أو خارج التجربة يعود إنسان طبيعي لا يقوم بهذه الأفعال؛ فتأثير السلطة ومغرياتها قد تغير تصرف الإنسان نحو الأسوأ ورأينا هذا في التاريخ من ملوك غرتهم هذه السلطة وحتى في حاضرنا على مستوى أقل هنالك مديري عمل يصبحون أسوأ بمجرد ترقيتهم وحصولهم على سلطة أكبر وبالتالي نفوذ وقوة. فالسؤال هنا كيف يمكننا التحكم في تصرفاتنا لو أصبحنا في منصب سلطة ولا نتأثر بمغرياتها؟
فيلم 2001 the experiment : كيف يمكننا التحكم في تصرفاتنا لو أصبحنا في منصب سلطة ولا نتأثر بمغرياتها؟
الإنسان بطبعه كائن عاطفي يميل إلى اتباع مشاعره لذا من الضروري أن نفصل بين مشاعرنا وأعمالنا عند تولينا منصب السلطة، يجب أن يكون الفرد واعياً بتصرفاته لضمان اتخاذ القرارات الصحيحة بعيداً عن الدوافع الشخصية، على سبيل المثال، إذا كان السجان قد عانى في طفولته من قيود فرضها عليه والده الذي كان يعاقبه بحبسه في غرفته لفترات طويلة، فقد يستغل السجان سلطته لاحقاً للقيام بما عانى منه ولكن إذا كان السجان واعياً بتأثيرات هذه التجارب النفسية ومدركاً لعواقب تصرفاته، فلن يستغل سلطته، لذا الوعي بتصرفاتنا وتجنب استغلال السلطة لدوافع شخصية أمران مهمان جداً سواء في العمل أو في حياتنا بشكل عام.
لذا الوعي بتصرفاتنا وتجنب استغلال السلطة لدوافع شخصية أمران مهمان جداً سواء في العمل أو في حياتنا بشكل عام.
ينشتر كثيرا رأي ما هو "عندما تصل لمنصب ما، لا تصبح نسخة ممن صعبوا عليك الحياة." وهذا لن يحدث بالتأكيد بدون وعي بتصرفاتنا، ولكن كيف يمكن أن يصل الشخص إلى هذه الدرجة من الوعي؟
الوصول إلى هذه الدرجة من الوعي يتطلب الثقافة سواء الثقافة العامة أو الثقافة النفسية لفهم مشاعرنا وأفعالنا، فمثلا هناك تدريب في علم النفس يقوم على مراقبة أفعالنا كي يساعد الأفراد على أن يكونوا أكثر وعياً بسلوكياتهم وأفعالهم اليومية بتحديد وتغيير السلوكيات الغير مرغوب فيها، كما أننا نحتاج الأهتمام أكثر بالصحة النفسية للفرد من خلال توفير الدعم النفسي المجاني، ونشر الثقافة النفسية في المجتمع لينشأ الفرد واعياً بسلوكياته، لذلك أرى من المهم للأشخاص التي تقود مناصب السلطة أن يكون لديها وعي ذاتي وأن تتابع مع طبيب نفسي.
بأن تستخدمها فى ما ينفع ويفيد فقط وأنت تعرف هدف السلطة الموكل لك، أما إستغلالها لمصالح شخصية وأهواءك حتما ستغريك السلطة الكثير والكثير.
بالطبع السلطة لها الكثير من المغريات ويجب أن يمتلك الفرد ضبط النفس كي لا يتأثر بها ويقوم باستغلالها لكن برأيك ما هي الطرق الأخرى للتصدي لإغراءات السلطة؟
أغمض عينك وغض الطرف، أنت تعلم والجميع يعلم إن الى بيدفع بيعدى وأنت أصبحت فى مكانة وموضع يُدفع له، أغمض عينك وغض الطرف عن أن هناك مايُدفع.
الأمر ليس من يدفع فقط، هذه مشكلة أخرى، وهي أن البعض يستغل منصبه ليؤذي غيره أو يفرض سيطرته عليه، لهدف فينفسه وهو أن يشعر بأن ليه قيمة ما وأنه يمكنه أن يأمر وينهي، فكيف يسيطر الشخص على هذا الإغراء النفسي في المقام الأول؟
من وجهة نظري هذا لا ينطبق على كل الأشخاص، فالأشخاص الذذين لهم ميول سابق لذلك ينقادون نحوه دون إرادة.
فأنا مثلا لدي الآن موظفين ومتدربين بشركتي أعاملهم بنفس المعاملة التي كنت أحب أو أود أن أُعامل بها عندما كنت موظفا، فالأمر بالنهاية يعود للإنسان نفسه.
فكثير من الأمثلة الحية التي تبرهن على كلامي: فهذا الشيخ الشعراوي رحمه الله من أفضل الأمثلة على ذلك. وبغض النظر على أنه رجل دين لكن كثير من رجال الدين استغلوا سلطاتهم بشكل سيئ. ففكرة كونه عالم ورجل دين ليست مقياس من وجهة نظري.
الشعور بالمراقبة، بمراقبة من هو أقدر وأعلى وأعلم وأحكم منك لك. عندما يغفل الإنسان عن هذه الحقيقة، يظن أنه لا يقدر عليه أحد، وأنه السلطة الأعلى رغم وضوح كذب ذلك جليا أمام عينيه كل يوم (من سهولة موته بأقل مرض، لضعف جسده، لعجزه عن القيام بالكثير مما يريد، ...).
أظن لذلك قامت الشرائع، والمحاكم على الأرض. لأنه حتى إذا كان ضميره نائم، نصحيه :)
من أمن العقاب أساء الأدب. للأسف رغم رغبتي الشديد أن يكون تمسك الإنسان بالقيم الحسنة نابعا من نفسه، ودون الحاجة لمراقبة الناس له. لكن، على أرض الواقع، أثبتت المقولة صدقها مرة بعد مرة. إذا أحس الإنسان أنه لن يعاقب على أي مما يفعله، ينطلق متكبرا متجبرا على كافة المخلوقات.
هذا لمسته في الواقع! في صديق لي حين راح فقط إلى الجيش كمجند عادي، صار يتكلم مع كل من حوله بطريقة الفاهم العارف وأحياناً الآمر! صار خشناً بالتعامل مع الجميع لفظياً وسريع الغضب، خاصة حين يكون السلاح الذي يخدم به معه، هذا الأمر فعلاً ذكرني بهذا الفيلم وذكرني حتى بسلطة الموظفين الحكوميين على المواطنين أيضاً، في كيف يتعاملون معهم خارج أوقات الدوام كبشر عاديين ثم حين يكونون على كراسي الخدمة يتحولون لأشخاص عنجهيين وأعتقد أن الكاتب الشهير جورج أورويل أكثر من رصد هذا الموضوع وأشار إليه بطريقته الرمزية التي عبر عنها في رواية "مزرعة الحيوان" حين حكمت الخنازير المزرعة بعد تنظيم الثورة فيها.
وبرأيي لا نستطيع السيطرة على أنفسنا إلا بالوازع الديني الذي يجب أن يكون مسيطر علينا، فالقانون يأتي بالرقابة ويمكن كسره، ولكن القانون الإلهي ملزم التطبيق أبدي المراقبة.
ولكن من التاريخ حولنا نجد أنه هنالك العديد يستخدم الوازع الديني كتشريع لسطلته هذه من أبسط الناس حتى، وكأن لديه تفويض إلهي بأن يفعل ما يفعل ويسيطر كيفما يشاء، تاريخيا الحملات الصليبية كانت تتحرك باسم الدين ولكن جميعنا نعرف أنها كانت تتحرك لمصالح شخصية، بشكل عام دعني أستفهم منك كيف يسيطر الإنسان على نفسه في منصب به سلطة؟ ما الذي يجب أن يفكر فيه لكي لا تغريه هذه السلطة؟
التعليقات