شاهدت فيلم برّا المنهج للمخرج عمرو سلامة، فيلم يستعرض حكاية عن العزلة، شخصية (يؤدّيها ماجد الكدواني ببراعة) تعتزل الناس والعالم لفترة طويلة من الوقت، والاعتزال يكون عنده حلّاً لمشاكل اجتماعية لا يمكن حلّها إلّا بالابتعاد والعزلة.

هل هذا منطقي؟ 

برأيي عربياً نعم، منطقي، المنطقة العربيّة لا تعاني من مشكلة اقتصادية أو اثنتين، مشكلة تاريخية أو اثنتين، مشكلة اجتماعية أو اثنتين، الأمر عندنا أعقد بكثير من هذا، لدينا مئات المشاكل المُترابطة بشكل وثيق فيما بينها لتُشكّل فكّاً مُحكم على الإنسان يجعله لا يعرف فعلاً أن يتصرّف أي تصرّف بدون أن يشعر بالانزعاج أو الذنب أو التقصير أو الأكثر طبعاً: اللاجدوى. 

لذلك يلجئ ألوف الشباب إلى السفر، ولكن ماذا لو كان السفر ليس خياراً؟ 

الفقر قد يجعلك أحياناً أضعف من هذا الخيار، إذاً برأيي ورأي الفيلم (في النصف الأوّل منه على الأقل) أنّ الحل هو في العزلة، هذه العزلة ليست سهلة، قد تجعلك قبيحاً جداً ومنبوذاً (كما صوّرها الفيلم، شبح كريه ومخيف) ولكنّها مهما كانت سيئة قد تكون أفضل من مواجهة ما هو في الخارج من صعوبات لا يمكن قهرها

ما يجعلني استغرب عادةً عند طرح الموضوع، هو أنّ الناس تعتبر هذا الخيار خيار انهزامي ضعيف، لماذا؟! 

لا يمكن أن نسمع منطقياً أنّ الإنسان الذي يهرب من منزل يحترق أنّهُ شخص انهزامي ضعيف، بل نسمّيه ناجي، ماذا عن الشخص الذي يهرب من مجتمع مُعقّد لا يمكن التفوّق فيه أو النجاة فيه؟ ألا يجب أن يسمى أيضاً بناجي عبر عزلته؟ 

ما رأيك أنت؟ كيف ترى الأمور من وجهة نظرك وتجربتك الشخصية؟