نكتُبُ أحلامنا عادةً على الورق، نكتبُ آمالنا، نُخطط ونعمل ونتزوج ونشتري ونبيع ونُحادث ونُنافس ونُجهد أنفسنا، كُل ذلك إنّ فكّرنا بالموضوع قليلاً لا نجد أي سبب يدعونا إلى ذلك إلّا الرغبة في السعادة والتخطيط لها، هل تعنيك السعادة؟ هذا السؤال لا يُسأل لأيّ إنسان، إذ من هوَ الذي لا تعنيه السعادة فعلاً؟ من لا يلاحقها في كل يوم على الأقل مرّة؟
يُدوّن المُمثّل الشهير مورغان فريمان (كارتر) في فيلم "the bucket list" أحلامه مع شريكه فائق الغنى ومُمتلئ الثروة (إدوارد) - لعبَ الشخصية جاك نيكلسون - يُدوّنون أحلامهم على الورق بُغية تحقيقها قبل موت مُحتّم، يخوضون رحلة مُختصرة لتلبية كُل ما يشتهي الواحد منهم، رحلة تُلبّي جُلّ ما يجعلهم في النهاية سعداء راضين، أو على الأقل جُلّ ما كانوا يتوقّعون أنّهُ سيسبب لهم السعادة والرضا. وبكل تأكيد يفشلون بالمهمّة فشلاً ذريعاً، وهذا الفشل مُشابه لكل فشل إنساني نتعرض له، في أنّهم حققوا ما أرادوا فعلاً، لكن هذا لم يرفع أبداً نسبة سعاتهم ورضاهم عن أنفسهم.
لماذا نحن جميعاً مُلاحقين بالحزن؟ مُحاطين فيه؟
لا يُمكن لأيّ بيئة تنافسية أن تنعم بالراحة والرضا، وهذا الأمر يضرب الفقراء والأغنياء، فالفقراء يعانون من العوز والقلّة ويتمسّكون حزانى بأمل تحصيل الثروة في يوم من الأيام، على أنّ حتى الأغنياء جداً يُعانون من فقدان المعنى بعد الوصول، ويتمسّكون حزانى بأمل تحصيل المعنى الحقيقي للأمور في يوم من الأيام، على هذا وبهذا نبقى جميعنا حزانى.
أصلاً يبدو أنّ البشرية جمعاء اعتمدت هذه الحالة ولم يعودوا يفكرون أصلاً بتجنّب الحزن، أيقن الإنسان أن الحزن كالجاذبية، حتمي الوقوع، لا يمكن تغييره، هل رأينا إنساناً يلوم الجاذبية على موت أحدهم حين سقوطه، وأصبح التحدي كلّه ليس إتقاء الحزن أو دفعه وإنما كيف أحمل نفسي وقت الحزن أن تستمر في التقدم والعمل على ما تصوّرت وخططت في الحياة، حتى لو بإيقاع بطيء جداً.
وأنت؟ هل ترى الحزن أيضاً من زاويتي في هذا الموضوع؟ هل تؤمن بحتمية الحزن واستحالة عدم تجنّبه؟ وإن لم تكن تؤمن بذلك، فهل لديك البديل؟
التعليقات