في عصر حديث نعيشه وفن سابع (السينما) التي لم يكن لها أثر قبل مئة عام واليوم يُشاهدها ملايين الملايين حول العالم بشغف وانتظار يومياً، أفلام بالألاف تطرح قضايا وأفكار مصدرها الحركة الدائمة للمجتمعات وصراعاتها 

كُل ذلك يجعلنا نطرح سؤال: هل لهذا أثر؟ معنى؟ والأهم تغيير حقيقي في بنية مفاهيم المجتمعات وقضاياه؟ 

نادين لبكي (مُخرجة ومُمثلة لبنانية) تُجيب عن هذا السؤال مرةً في مهرجان سينمائي (أعتقد مهرجان كان) عن أنّها صنعت فيلم كفرناحوم لتلقي ضوء مجتمعي على شخصيّة زين الطفل الصغير المُشرّد بلا أوراق قانونيّة وبالتالي على أمثاله وأمثال عائلته. وبالفعل الفيلم حصّل تفاعل كبير جداً من كل أنحاء العالم وعدّة جمعيات قررت الانخراط بمساعدة حالات شبيهة، والأن الطفل زين ذاته يعيش في النرويج مع عائلته حياة كريمة! 

بالمثل يمكننا التمعّن ومشاهدة فيلم "إلى سما" للمخرجة وعد الخطيب، فيلم سوري يحكي عن الحالة التي عاشتها أم وطفلة وأب قد رفضوا الخروج من ديارهم وآثروا تقديم المساعدة للناس تحت ويلات حرب ومآسي لا تعرف الرحمة، الفيلم رُشّح للأوسكار عن فئة أفضل فيلم وثائقي، وفاز بجائزة الـ BAFTA.

ومن يومها إلى هذا اليوم ويتبنّى الكثير من الناس من كل أنحاء العالم مصاريف أشخاص يعانون من حصار أو أمور اقتصادية سيئة أو حتى يقدّمون مُنح للدراسة للطلّاب مُتأثرين بالفيلم والحالة العامة التي استطاع إيصالها بالصور واللحظات الراهنة التي نقلها، اللحظات المرعبة..

قرأت مرّة قول لبلزاك: مُهمّة الأدب تحسين الأخلاق. 

وأسأل اليوم هذا السؤال الذي أشعر أنّ الكثير يسأله: هل السينما قادرة على التغيير في المجتمعات أو على تحسين الأخلاق فعلاً؟ وهل يُطلب من السينما ذلك أصلاً؟