العلاج بالسينما هو استخدام الأفلام كوسيلة لعلاج نفسي!  إنّ أبرز ما يُميّز أيّ فيلم هي في أنّ الفيلم السينمائي يُتيح عقد صلة تخيليّة بين محتوى الفيلم والواقع، لذلك فإنّ المُعالج النفسي الذي يُتقن عمله يعرف كيف بإمكانه مساعدة مرضاه في الاستفادة من هذه الصلات في حل مشاكلهم، لا يدّعي علماء النفس أو أطباءه بأنّ العلاج بالسينما هو نوع من العلاج قائم بذاته، لكنّهُ على ذلك يُعتبر وسيلة رائعة ضمن الخطّة!

لكن السؤال الذي يطرح نفسه، كيف يكون هذا العلاج؟ 

بالاستفادة من الترميز السينمائي، الرمزيّة في القصّة، أي ليس السطور ولكن ما بينها، عبر عدّة مستويات: 

  • وسيلة لمساعدة المرضى بفهم بعض أنماط التفكير المُزعجة أو ما يُسمّى اصطلاحاً بـ (العلاج المعرفي - السلوكي) 
  • وسيلة ليفهم المرضى عن طريقها قيمهم وطموحاتهم (العلاج الإنساني)
  • وسيلة للتعمّق بالعوالم الداخلية والصراعات الداخلية للمرضى (العلاج النفسي)

ثمة تجربة رائعة بهذا الخصوص أجراها طبيب نفسي باستخدام فيلم: Night on elm street "كابوس في شارع إلم" على مُراهق يُعاني من إدمان المُخدرات وسلوك عدواني شرس، الذي أدّى إلى جُرم: تحطيم منزل الشخص المسؤول عن رعايته، عمه الذي باشر بتربيته بعد وفاة والدته وهو في سنّ التاسعة. 

واجه الأطباء مشكلة عويصة بالتواصل مع هذا الشاب، بعملية فهمه، لكن أخيراً سعى معالجه النفسي الخاص بالتقرب إليه عن طريق الأفلام المُفضّلة لديه والتي كانت أفلام رُعب، سيطرت على كُل تفكيره ومشاعره وصار يضع لهُ مقاطع من الفيلم وثم يقوموا بمناقشة ما يشاهدون معاً، وهذا ما بنى تدريجياً علاقة بين المريض والطبيب وصنع جسراً من الثقة وأتاحت لهُ مراقبة ردود أفعاله، ومن خلال الفيلم وتفضيلاته للشخصيات استطاع المعالج النفسي أن يصل بمحادثات وتقاطعات واستنتاجات تفيد بأنّ هذا المريض المُراهق يُعاني من مشاعر ومخاوف إساءة المُعاملة والهَجر وهذا السبب الرئيسي لسخطه على الأخرين!

ومن ثمّ عادَ إلى حياته العائلية بشكل مُنسجم وبحياة أكثر استقراراً بعد تشخيصه بواسطة فيلم وعلاجه. 

يُعد كتاب "علم النفس الإيجابي في الأفلام" من تأليف ويدينج ونيميك من أكثر الكتب السينمائية تجذّراً في المنظورات النفسية الراسخة، إذ يزعم بأنّ علم النفس وعلى مدار تاريخه انصبّ تركيزه على الجوانب السلبية من البشر، المرض النفسي، الفظائع الاجتماعية، الأخطاء المعرفية، بدلاً من تقديم رؤية لأفعال الشخصية الإنسانية المثالية على عكس الأفلام التي استطاعت تقديم أمثلة حيّة لبشر استطاعوا التغلب على ظروف قهرية في حياتهم أو بنوا لأنفسهم فقاعات آمنة في مجتمع شرير، تماماً كما صار في العديد من الأفلام، أبرزها برأيي: shindelr's list. 

وأنت هل تؤمن حقاً بأنّ للأفلام هذه السطوة بالعلاج النفسي؟ وما هو الفيلم المُفضّل عندك، هل تعتقد بأنّ هناك روابط نفسية تجمع بين الفيلم وشخصيّتك وحياتك؟