فيلم Wonder .. لماذا لا تنتهي ظاهرة مثل التنمر بعد كل الحملات التوعوية حولها؟

فكثير من المتنمرين يعانون من مشاكل في منازلهم مثل التعنيف اللفظي والجسدي والنفسي

بالحديث عن المنزل يمكنني القول أن أكثر دافع للتنمر هو التربية الخاطئة، فبدلًا من التواصل مع أطفالهم عبر أساليب الحوار وإيضاح وجهات النظر، يعتمدون على أساليب القمع والأمر والنهي. مما يخرج لنا إما أطفالًا متنمرين يحاولون الاستقواء على الضعيف كسبيل لإرضاء أولياء أمورهم، أو أطفالًا منهزمين نفسيًا ولا يمتلكون أدنى ثقة في النفس وهم المتنمر عليهم.

ما الحل لظاهرة التنمر من رأيك؟

ينقسم الحل من وجهة نظري إلى عدة جوانب

• أهمها بكل تأكيد الآباء والأمهات. فينبغي عليهم تربية الطفل على مناصرة الضعيف والوقوف بجانبه، وليس السخرية منه والاستهزاء بقدراته وشكله، ببساطة عليهم أن يصبحوا قدوة حسنة لآبنائهم.
• ثم يأتي دور المدرسة في تعليم الأطفال كيفية التعامل بلطف والعمل على إدخال الأخلاق الحسنة في دروس عملية. هذا إلى جانب معاقبة المتنمر وردعه عما يفعله.
• وكذلك يجب مراقبة الإعلام والأفلام والمسلسلات التي تظهر المتنمر أحيانًا بصورة جيدة وكأنه شخص طريف ليس إلا. وبالتأكيد علينا تنفيذ عقوبات قانونية على المتنمرين كي لا يؤدي الأمر إلى أمور سيئة كالانتحار.

وما نصيحتك لمن يتعرض لهذا الأمر؟

أن يعرف قيمة نفسه، وينبغي لكل من حوله أن يعملون على رفع ثقته بنفسه عبر تشجيعه وإكسابه مهارات جديدة.

وهل ترى أن التنمر عند الأطفال فحسب؟ 

التنمر لا يقتصر على الأطفال بالتأكيد، ولكن حينما نتحدث حول البالغين لا نسميه تنمر بقدر ما نطلق عليه سخرية. وما أكثر الساخرين من حولنا!

 ومن تنمر ومن أصيب بالتنمر كيف يصيران عند الكبر هل يتغيران أم يبقى الحال كما هو؟

التغير أمر حتمي ولابد أن يحدث، ولكنه يتوقف على طبيعة الشخص ونشأته، فإما أن يتغير للأفضل أو للأسوء.

لا شك بأن الفكرة التي ناقشها فيلم Wonder عظيمة ومؤثرة، وكل من شاهد الفيلم بكى في يوم من الأيام، وشعر بالمعاناة التي يعيشها الأشخاص الذين يتعرضون للتنمر، ولكن السؤال الأهم هنا هو لماذا يستمر المتنمر بتنمره على الآخرين رغم الحملات التوعوية التي تقوم بها حقوق الانسان وغيرها، سواء عبر الأفلام أو القصص الملهمة أو الدراسات البحثية، والجواب هنا يكمن في أحدث أشكال التنمر ألا وهو التنمر الإلكتروني الذي يكون من خلال الشات، ومن وراء الشاشات ما يعطي القوة والثقة للمتنمر بأن يقول ما يريده دون رقابة، وللأسف هذه الظاهرة تنتشر بين الأطفال وكبار السن أيضاً والمراهقين بشكل خاص، وهذا ما يشكل خطر كبير على الأجيال القادمة.

التنمر سببه الأساسي هو أساليب التربية الخاطئة التي يتلقاها المتنمر من أهله ومن المجتمع، من ضمن هذه الأساليب أن يضحك البالغين عندما يقع الطفل بطريقة مضحكة من وجهة نظرهم، أو يتحدث بطريقة طفولية تضيع فيها الكثير من الحروف أو تخرج بشكل خاطئ، أو الضحك على أي فعل يفعله الطفل في نوبة غضب أو حزن أو ضعف ... الخ

هذه الطريقة ترسخ عند الطفل أننا يجوز أن نضحك على كل ما هو غريب عنا، غريب الشكل أو النطق ... الخ وأنه لا ضير من هذا الفعل فحتى الكبار يفعلونه.

الأعمال السينمائية كذلك لها دور، حيث يتم تقديم أدوار لأشخاص ذوي إعاقة أو مشاكل ذهنية ... الخ والسخرية منها أو الضحك عليها، أو جعلهم يتصرفون بطريقة مضحكة ساخرة لإضحاك الجمهور ... ليقلد هذا الكبير والصغير ...

أضف إلى هذا أن المتنمر قد يكون معتدى عليه في البيت، غير محبوب، ضعيف ويحاول إخفاء ضعفه، يحاول الظهور ... الخ

الحل ليس بالتوعية فقط، بل نحتاج إلى إجراءات وقوانين صارمة لمعاقبة من يقوم بهذا الفعل، ويجب أن تكون أمورًا تأديبية أو كفيلة بالإصلاح لا العقاب وفقط

ومن تنمر ومن أصيب بالتنمر كيف يصيران عند الكبر هل يتغيران أم يبقى الحال كما هو؟

بالطبع لن تكون النتائج ثابتة في كل الحالات فمن تنمر قد يستمر إلى آخر العمر على هذه الوتيرة، وقد يتوب عن الفعل ويعرف حجم الخطأ الذي وقع فيه.

ومن تعرض للتنمر قد يحاول الانتقام من المجتمع، قد يصاب بمرض نفسي، وقد يتحول هو الآخر لمتنمر، أو لا يفعل ويدوس على جرحه ويستمر يبلع الإساءات دون ردة فعل ...

ولكن الأكيد أن كليهما لا يكونان بخير على الصعيد النفسي وإن لم يُظهِرا ذلك

ما الذي يجعل التنمر ظاهرة منتشرة، وبالأخص في المدارس وسط الأطفال؟

هناك سبب آخر أراه مهما لانتشار هذه الظاهرة بين الأطفال خصوصا والناس عموما، هذا السبب هو الأعمال الفنية، فجميع هذه الأعمال يكون فيها تنمرا، وهو المادة الأولى للكوميديا حاليا، ولابد في أى عمل من الأعمال وجود ولو مشهدا واحدا على الأقل فيه تنمر.

والمشكلة الأكبر في ذلك هو ترويج أن هذا الأمر مدعاة للمزاح والفرح، فيتقبل الناس هذا الأمر وخصوصا الأطفال، فهم يظنون أن التنمر مباح ولو أزعج الغير.

ومن الأسباب أيضا احتياج الناس لرؤية أن هناك من هو أقل منهم، فكما قلتِ يتعرض المتنمرون إلى التنمر.

ومنه أيضا سكوت المتنمر عليهم وضعفهم وعدم تقبلهم لأنفسهم، وشعورهم المتمكن منهم بأنهم أقل من غيرهم.

فنصيحتي لمن يتعرضون لهذا الأمر أن يتقبلوا أنفسهم أولا، وأن يقتنعوا أن ما بهم من تغير واختلاف لا يجعلهم أقل من غيرهم، وعدم إظهار الضعف أمام المتنمرين والثقة بأنفسهم.

والمتنمرون لا يتغيرون إلا إذا حدثت قوة أكبر منهم، وأن يردعهم قانون ويعلموا أن الدين قد حذر منه.

فإن لم يحدث ذلك فسيظلوا طوال حياتهم بهذه الصفة القبيحة.