بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية وبالتحديد في عام 1945.. أي بعد إستسلام اليابان بعد حادثتى هيروشيما ونجازاكي .. وبعد بنود وثيقة الإستسلام التي وقعها الإمبراطور الياباني والتي كانت مهينة للشعب .. خاصة بعد أن تم تجريد الإمبراطور من صفاته المقدسة .. وأيضا إعتباره مجرد بشري عادي غير منزه .. الأمر الذي جعل أكثر من ألف ضابط ياباني رفيع المستوى ينتحروا في ساحة القصر الإمبراطوري على طريقة الهاراكيري (القديمة) كنوع من الشعور بالخزى والعار بسبب المساس الذي حصل لرمزهم المقدس..

أعقب ذلك تغيير تام في الأيديولوجية الفكرية اليابانية من خلال تهميش المباديء القديمة ووضع قواعد جديدة يتم تدريسها في المدارس للنشء تحت إشراف وتوجيهات أمريكية..

ومرت سنوات تراجعت فيها الهوية اليابانية ما بين التغريب والدس الغربي للأيديولوجية الصابغة للفكر الكلي بشكل يرضي السادة الجدد ..الغرب..

ومرت سنوات إصطبغت فيها اليابان بالطابع الحديث بنكهة الغرب .. وكان لذلك أثر سلبي على الوعي الياباني بشكل كبير .. فبدأت الأجيال تخرج من أنقاض الهزيمة والهروب منها بتناسيها .. حتى على المستوى السينمائي..

لكن..

بدأت أصوات تنادي بعودة روح البوشيدو اليابانية..

ولكن ما هي أفضل وسيلة غير الفنون؟؟ .. حسنا ماذا أفضل أكثر من الفن السابع؟؟..

وبالفعل تم عمل عدة أفلام جميلة عن محاربي الساموراي لإحياء الكرامة اليابانية من خلال أفلام عديدة مثل الساموراي السبعة .. (لنا حديث عن ذلك الفيلم بالتفصيل في مقال ثاني نظرا لأهميته البالغة) .. وأيضا فيلم القلعة الخفية .. وفيلم سانجورو .. أونيبابا .. يوجبمبو .. وهاراكيري .. الفيلم الأخير هو موضوع المقال اليوم..

الفيلم تم إنتاجه سنة 1962 وتم عرضه في السينما ضمن فعاليات مهرجان الفنون اليابانية .. الفيلم من إنتاج شركة شوشيكو اليابانية ..

ومن إخراج ماساكي كوباياشي .. والفيلم يعد من أفلام الدراما اليابانية للعام 1962..

الفيلم مدته ساعتين و13 دقيقة .. ناطق باليابانية .. وبالأبيض والأسود..

في البداية نتكلم عن معنى كلمة هاراكيري .. هي كلمة معناها نزع الأحشاء.. وهي طريقة للإنتحار التكريمي والتي إستخدمتها طبقة الساموراي بدلا من الإعدام .. ويتم عن طريق جلوس المنتحر فوق فراش أبيض .. ويلبس في العادة ملابس نظيفة وسط مجموعة من الشهود الذين قد يحتفلون بتكريم وشجاعة المنتحر طبقا لمعتقداتهم ويقف ورائه شخص هو الذي يختاره..

وينتزع المنتحر ملابسه العلوية لكي يمسك سيفه ويطعن به جنبه الأيمن ويشق بطنه إلى جنبه الأيسر فيقطع رأسه الشخص الذي خلفه ثم يضع رأسه في سلة لتشريفه..

طريقة غريبة .. أليس كذلك؟؟..

لكنها قمة التكريم .. حتى إنهم عندما يريدوا أن يكرموا العدو لو كان ياباني مثلهم فإنهم يعطوه شرف الإنتحار بالهاراكيري..

نتحدث الآن عن الفيلم..

قصة الفيلم تتحدث عن فترة ما بعد حصار قلعة أوساكا وهزيمة عشيرة المويوموتو وصعود التوجوجاوا والتي تكلمنا عنها في موضع سابق..

يبدأ الفيلم عن رواية يوم من مذكرات عشيرة لايي للعام 1630 .. إن حضر للمكان محارب كهل .. وتبدأ أحداث الفيلم بدخول رجل ساموراي كهل فقير لدوجو (منزل) لكي يطلب الإذن بالإنتحار بهذه الطريقة داخل البيت كنوع من طلب الشرف للإنتحار بطريقة تكريمية خاصة أن عصر السلام إنتشر في البلاد فإفتقر المحاربين وصاروا يطلبون الهاراكيري لإنهاء حياتهم بعيدا عن الفقر وإنحطاط القيمة..

ووسط أجواء من التقاليد اليابانية دخل ذلك الرجل والذي كان إسمه تسوجومو هانشيرو .. من أجل أن يقابل مستشار رئيس المنزل .. وكنوع من التكريم حاول المستشار أن يثنيه عن طلبه

#يتبع

بقلم: هيثم مصطفى