منذ فترة قريبة اكتسح هذا الفيلم أجواء السوشيال ميديا والمجتمعات الشرقية والغربية على حد سواء، ووصل إلى حد الهوس.
في الحقيقة لا أريد هنا أن أناقش الفيلم بحد ذاته، إنما أردت مناقشة تعاطي الناس معه وتداوله فيما بينهم بهذا الشكل الهائل.
الفيلم كان بالنسبة لي عادياً ومخيباً للآمال وربما الشيء الوحيد المميز فيه هي موسيقاه ولا أعني بذلك أنها توافقت مع ذوقي الموسيقي (وهذا صحيح) إنما قصدت توافقها مع فكرة الفيلم عامة وإحساسك عند سماعها بأنها قاسية لدرجة الألم كما أراد صناع الفيلم غالباً.
في كل مرة أجد فيلماً يتداوله الناس فيما بينهم أتوقع أنه قد يكون مميزاً بالفعل، لكن يتبين لي لاحقاً أن هناك مشكلة لا أستطيع تحديدها تماماً لدى هذه الجموع، هل بات التقليد هو الشيء الوحيد الذي يسوقنا قسراً للترويج والاعجاب فيما نشاهد ؟ هل أصبح لدينا خوف من صفات مثل : غير مثقف، غير منفتح، سطحي، ذائقته الفنية منعدمة. اذا لم نتماشى مع الدارج والمشهور ؟ وهل الشهرة وحب الظهور كافيين لتوحيد آراء الجميع تجاه أمر معين؟
الفكرة معقدة قليلاً، فمن تحدث عن الفيلم تحدث عن الظلم والألم اللذان عايشهما البطل، وأنه بطريقة ما يمثل كل أحد فينا بشكل غير مباشر، هل عقدة الضحية إذا صحت التسمية أصبحت متأصلة فينا لهذه الدرجة المهينة لإنسانيتنا؟ كل ما نريد تمثيله والتعبير عنه هو شعورنا بأننا ضحايا فقط، سواء كنا ضحايا فعلاً أم لم نكن.
الجوكر قاتل، لكن الغالب روجوا له أنه ضحية مرضه ومجتمعه للأسف وأن ماحصل معه مسوغ للقتل بهذه الطريقة البشعة. أعتقد أن دفاعه عن نفسه فقط ضد الضرب الذي تعرض له يمكن أن يكون مبرراً (علماً أنه كان يستطيع الدفاع عن نفسه بإخافة الأشخاص الذين قاموا بضربه فقط، لا قتلهم والإصرار على قتلهم أيضاً) ، لكن الشخصيات التي قتلها لاحقاً لم تكن إلا بدافع الإجرام والاعتياد على القتل ربما. ولا مسوغ لاعتباره أيقونة ورمزاً إلا التعبير عن جانب الشر المكبوت فينا والجريمة التي نخاف عقابها لا غير.