بعد عرض فيلم joker عام 2019 لماذا أصبحت شخصيته محبوبة للناس اكثر من شخصيات الابطال الخارقين مثل باتمان.

لكي نعرف و نفهم و لو جزءا من بسيطا من الجواب يجب علينا معرفته ماضيه و كيف حصل على ابتسامته الشهيرة و ما وراء هذه الندوب.

“أحيانا أتذكره بشكل ما، وأحيانا أخرى بشكل مغاير، إذا كنت سأحظى بماضٍ، فأنا أُفضّل أن يكون اختيارا من متعدد!”

بهذه الكلمات يصف الجوكر ماضيه الذي لا يمكنه تذكره بشكل واضح و لكن يحكي جوكر هيث ليدجر في أحد المشاهد أنه حظي بهذه الندوب وهو طفل جراء تشويه والده لوجهه، والده المقامر السكير الذي كان يعود للمنزل ليلا ليذيقه هو ووالدته صنوف العذاب، وفي النهاية قرر أن يرسم هذه الندوب على شكل ابتسامة على وجه ابنه لأنه كان يرفض أن يراه باكيا طوال الوقت. وفي مشهد آخر يحكي الجوكر نسخة مغايرة ليخبرنا أنه نفسه هو من شوّه وجهه ليحظى بندوب على شكل ابتسامة رغبة منه في التخفيف عن زوجته التي تعرضت لتشويه وجهها على يد رجال إحدى العصابات.

ولكن القصة الأبرز عن ماضي الجوكر ستظل هي الأبرز في قصة مصورة بعنوان “النكتة القاتلة” أو “The Killing Joke”. في “النكتة القاتلة” نرى ماضيا مغايرا تماما للجوكر، هذا رجل طيب وودود، يعمل في مختبر كيميائي، له زوجة حبلى وتحتاج إلى المال، يقرر هذا الرجل نتيجة لهذه الظروف أن يعمل ككوميديان بجانب عمله في المختبر ليحظى ببعض المال الإضافي، ولكنه يفشل في هذا فشلا ذريعا، محطما ويائسا يستجيب لإغراء إحدى العصابات في أن يعمل معهم لعملية واحدة لسرقة بعض المال من شركة الكيماويات التي يعمل بها، على أن يتخفى بارتداء قناع أحمر كبير في هذه العملية، لينتحل شخصية مجرم يسمى “ريدهود”، يوافق الكوميديان الفاشل طمعا في بعض المال، ولكن ظهور باتمان المفاجئ يؤدي إلى فشل العملية، يسقط الكوميديان أثناء محاولته للهرب في حوض مليء بمواد كيميائية تؤدي إلى تشوّهه، وليفقد عقله أيضا عقب هذه الحادثة وعقب الوفاة المفاجئة لابنته وطفله الذي لم يولد.

تنتهي الحكاية بعرض باتمان للمساعدة على الجوكر، يخبره باتمان أنه يتفهم الآن ما حدث له وما حوّله في النهاية إلى ما هو عليه الآن، ولكن الجوكر يرفض المساعدة ويخبره أن الوقت لإنقاذه قد فات، ولكنه على الرغم من هذا وتقديرا لعرض باتمان يشاركه نكتة حقيقية، يضحك العدوان اللدودان عليها معا للمرة الأولى والأخيرة.

باتمان رجل غني يحاول إعادة النظام لجنبات نظام رأسمالي، أما الجوكر فهو عامل مختبر لا يملك سوى عبقريته في الهندسة الكيميائية، لا يملك سوى عقله ويديه، باتمان يدافع عن السلطة فيما يواجهها الجوكر بعد أن تحطمت أسرته وحياته بسبب الظلم الاجتماعي، يحافظ باتمان على كود المجتمع الأخلاقي فيما يحطمه الجوكر، قد يكون قاسيا ولكنه ليس سوى نتاج ما عاناه، باتمان في النهاية هو رجل أعمال يملك ملايين الدولارات فيما لا يهتم الجوكر بالمال ولا بالاحتياجات المادية، كما أنه يبدأ مشواره منذ ظهوره الأول في القصص المصورة في محاربة أغنياء جوثام ورجال سلطتها.

ربما لهذا أُعجب جيلنا بالجوكر إذن،لأنه يمثل تجسيدا لمعاناة و ألم و غضب الناس المكبوت دون القدرة على القيام برد فعل بسبب القوانين و القيود التي خلقتها ايادي السلطة ويمكننا تفهم دوافعه على الأقل، ولتظل جملته الخالدة صالحة كتعليق دائم على الأحداث كافة: “لمَ كل هذه الجدية”!