من الصعب الاعتراف بذلك، لكن كثيرين منا يعيشون كما لو أن حب الآخرين أهم من حب الذات، وموافقة الناس أثمن من موافقة الداخل.
نضبط كلماتنا، نبتسم رغم التعب، نُلبّي الطلبات حتى حين تضغطنا، نخشى الرفض أو الخذلان، فنقدّم التنازلات باسم "الطيبة" و"الذوق" و"النية الحسنة"، لكننا في الحقيقة نبحث عن شيء أعمق: القبول.
في علم النفس الإكلينيكي، يُعرف هذا النمط السلوكي بما يسمى "إدمان التوافق" (People-Pleasing)؛ وهو نمط يتكوّن غالبًا في الطفولة نتيجة اضطرابات في التعلّق. عندما يتعلم الطفل أن الحب مشروط—بأن يكون جيدًا، مطيعًا، هادئًا، بلا مطالب أو أخطاء—يتحول مع الوقت إلى شخص يحيا على إرضاء الآخرين ليشعر بالأمان أو الاستحقاق. تصبح "نعم" طريقًا للنجاة من الهجر، وتصبح "لا" كلمة مخيفة تُهدد العلاقة أو الانتماء.
لكن هذا الإرضاء المستمر ليس بلا ثمن. تتآكل الحدود الشخصية، ويبهت الإحساس بالذات، ويبدأ الإنسان في معاقبة نفسه كلما فكر في أن يختار راحته أو يُعبّر عن رفضه. يتصادم الصدق مع الخوف، وتذبل "الأنا" تحت ثقل الالتزام بما يريده الآخرون لا ما يريده هو.
ليس الحل في التمرد أو القطيعة، بل في أن نسأل: لماذا لا نمنح لأنفسنا ما نمنحه لغيرنا؟
التعليقات