دعوني أبدأ معكم بقصة قصيرة ذكرتها إليزابيث لوفتوس، عالمة نفسية ومتخصصة في دراسة الذاكرة. كان تيتوس مدير مطعم. كان يبلغ من العمر 31 عاما، على وشك الزواج. خرج الزوجان لتناول الطعام، وكانوا في طريقهم إلى المنزل حين تم إيقافهم من قبل ضابط شرطة. سيارة تيتوس تشبه نوعًا ما سيارة كان يقودها في وقت سابق من المساء رجل اغتصب امرأة ،وكان تيتوس يشبه ذلك المغتصب نوعًا ما.

لذلك أخذت الشرطة صورة تيتوس، ووضعوها في تشكيلة صور، ثم أظهروها لاحقًا للضحية، وأشارت إلى صورته قائلة: هذا هو الأقرب. شرعت الشرطة والإدعاء في المحاكمة. وعندما تمت محاكمة ستيف تيتوس بتهمة الاغتصاب، صعدت ضحية الاغتصاب إلى المنصة وقالت، أنا متأكد تماما من أن هذا هو الرجل. أدين تيتوس ودخل السجن بتهمة الاغتصاب.

توجه تيتوس إلى الصحافة، وساعده صحفيًا في إيجاد المذنب الحقيقي واعترافه بأكثر من 50 حالة اغتصاب وتمت تبرئة اسم تيتوس.

كان السؤال الذي يراوده بشدة كيف تحولت الضحية من قولها إنه يشبهه فقط لكونها متأكدة 100% من أنه الجاني؟

في كتابه، العقل الأبله، لعالم المخ والأعصاب دين بيرنت، يقول إن الإنسان يميل إلى تذكر ما يدعم نظريته هو عما حدث، وخصوصًا إذا كان موقفًا سلبيًا أو هجوميًا. وتقول إليزابيث لوفتوس أيضًا أن الذكريات التي حدثت يمكن إعادة ترميمها مرة أخرى في مرحلة التذكر، وذلك بإشارتها للتجربة الشهيرة( ضائع في محل التسوق)، والتي اعتمدت على التلاعب بذكريات المتطوعين بل وزرع ذكريات جديدة، لمجرد أنهم بدأوا معهم الحديث بذكريات حقيقية من الطفولة مدعومة بما قالوه أهاليهم، ثم يقوم صانع التجربة بالتحدث مع المتطوع عن ذكرى أنه في عمر 5-6 سنوات، تاه في محل التسوق وكان أمرًا صعبًا جدًا على والدته وظل يبكي حتى وجدوه، والغريب أن العديد من المتطوعين استجابوا للذكرى بل وطوروا ذكريات خاصة بذلك اليوم وما حدث، وهو لم يحدث أصلًا!!

والآن من خلال ما طرحته، هل يمكن زرع ذكريات لم تحدث أو التلاعب بذكريات موجودة؟