أنقل خطاي نحو غرفتها راغبا وراهبا، مقبلة نفسي ومدبرة روحي، متسعة حدقتا عيناي مرتعدة جوارحي.... ثم اذا بي أطأ أرض حجرتها وأخترق كونها الهادئ بجسدي الذي تنتابه تلك الرجفة الخفيفة المنطلقة من قمة الرأس منتهية الى أخمص قدمي....

الآن وقد دنوت منها حتي يكاد جسدي أن يلامس جسدها لأري منها مالم تره هي من نفسها، مستلقية أمامي غارقة في نومها الأبدي، ممددة لا تدري بوجودي، لا عليها من هندام يزينها، ولا يفوح منها عطر يرققها....

تنتقل عيناي من بقعة الى تاليتها علي صفحة جسدها المفتوحة أمامي بلا ساتر او حجاب، فيقع بصري قاصدا عازما علي خباياها فلا استحت نفسي ولا فزعت تلف حجابا ليسترها .

وبعد أن دققت النظر وامعنت في ادق ادق تفاصيل جسدها العارى أمامي، إذا بيداي تمتدان لتغورا الي أعماق أعماقها فلا تترك بضعا منها الا وتحسسته، بهوادة ورفق تارة وبغلظة وجفاء تارة أخري، ومن بعد هذا المشهد الذي قد يعكس مدي قسوة و شدة قلوب البشر علي بعضهم البعض مهما زعموا غير ذلك أو برروا له، مشهد إن أخذناه بيد الانصاف فاننا سوف نستنبط منه رزمة معتبرة من الاضطرابات النفسية التي لا يعلم عنها صاحبها شئ ولان علم فلن يحرك فيه ذلك شئ، بعد ذلك المشهد قد تمتد يد كبيرنا ومحاضرنا الذي يعرف في أوساط بني جنسه أنه الأكثر علما واحترافا اذا ما قورن بي واترابي من مثل مستواي المعرفي، ولكني أراه الأكثر قسوة والأغلظ قلبا والأجفي يدا، واذا بيده تلك تمسك سكينا ماهر صانعه محترف مبتكره، فما أدق نصله، وما أمضي سلاحه، ذلك الذي يعرف في أوساطنا بال "مشرط" ليغرزه في أحشائها و يمزق أنسجتها، ثم تراه بعد ذلك يلوي لسانه ويلوع لكنته لينطق بكلمات أعجمية غريبة علي أسماعنا ليزداد معها فزعنا واندهاشنا......

يالحال هذه الجثة الهامدة، ما أبشعه، ملقاة منذ عقود في غيابات مشرحة كلية الطب، مغمورة في خزانات مليئة بمادة الفورمالين الحافظة ذات الرائحة النفاذة الخانقة، يتوالي عليها كل عام مئات أو حتي ألوف من الأيادي العابثة التي تزيد تهتك نسيجها و تبعثر خلاياها، فلا هي تصرخ من ألم........ ولا هي تبكي من شجن......وهذه حقيقتنا حقيقة العدم...