إن العمل بجد وإتقان من أفضل ما يقدمه الشخص لذاته، ولكن تُرى ماذا سيحدث إن تحول هذا الإتقان إلى إدمان؟ إدمان العمل من أهم المشاكل التي تواجه بعض الأسر، إذ يتحول العامل من شخص ناجح وقدوة لغيره إلى شخص لا يجد وقتًا للحياة خارج إطار العمل. هذا الإدمان يؤدي إلى اختلال توازن الحياة اليومية وإلى تفكك الأسرة، ربما يكون الدافع للعمل لساعات طويلة جدًا هو الحاجة المالية، ولكن في حالة إدمان العمل فإن الحاجة نفسية أكثر. إذ يرغب الشخص في الانغماس في عمله لحاجته القهرية لتحقيق مزيد من النجاح الوظيفي، لدرجة السعي نحو الكمال في أداء المهام الموكلة له.

إن كنت قابلت مدمن على العمل فإنك تعلم تمام العلم بأنه يتحجج بالعديد من الحجج لأجل التهرب من أداء التزاماته العائلية والاجتماعية وكأنه يعاني من الفراغ الروحي اتجاه عائلته وأصدقائه، والسبب الرئيسي الذي يلجأ إليه هو ضيق الوقت!

ومن نظرتي لبعض مدمني العمل أعتقد أنهم قليلي الثقة بأنفسهم في الحياة الاجتماعية، يتسمون بالوحدة ويفضلون العزلة، ويجدون في العمل الملجأ الآمن لعودة الثقة والهروب من الوحدة.

توجد بعض الدراسات التي تشير إلى وجود علاقة بين إدمان العمل والأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق وكذلك بعض الأمراض الجسدية كنوبات القلب وإصابات العمود الفقري. ولذا فإن العامل يهرب من مواجهة نفسه ويسعى لإشغال وقته كي يتخلص من إحساسه بالمرض والأفكار التي تراوده في أوقات فراغه.

وهنا يأتي الدور لسؤال غاية في الأهمية، ألا وهو كيف نفرق بين إدمان العمل والعمل بجد؟

الفيصل في هذا الأمر ليس عدد ساعات العمل، فمثلًا قد يعمل شخص أكثر من 12 ساعة يوميًا لظروف ما ولكنه يعيش حياته الاجتماعية قدر الإمكان. وإنما ما يعول عليه الأمر هو أفكار الفرد وتركيبته النفسية، هل يحب العمل أم يعمل بصورة قهرية، هل يفكر في العمل طوال يومه أم يفصل بين حياته العملية والشخصية؟

وسؤالي هو: هل عانيتم إدمان العمل من قبل، وكيف تنظمون أوقاتكم لإحداث توازن بين الحياة العملية والاجتماعية؟