ليست غيبوبة، ولا شلل يُصيب الأطراف، ينام الطفل فلا يستيقظ، لأيام وشهور، قد تطول لسنوات. لا يستجيب للإيلام الحسِّي، يأخذه الأهل إلى المُستشفى فُتجرى كلّ الفحوص، كل شيء طبيعي، تخطيط القلب والدماغ سليم، مشكلة الطفل واحدة: إنَّه لا يستجيب!

بعد عدّة أيام في المستشفى، يُعاد الطفل إلى البيت ليبقى نائمًا هناك، تُقدَّم له التغذية وريديًا، ويُعلَّم الأهل كيف يعتنون به.

عرفتُ عن هذه المُتلازمة من مقال قرأته عن فتاة سورية أيزيدية، تعرَّضت لاعتداء في الطفولة من غُرباء، ثمَّ سافروا إلى السويد كلاجئين، وحين كانت السلطات السويدية تُشارف على الغاء حقّ اللجوء لهذه العائلة، نامت الطفلة ولم تقم، لسنة ونصف!

يسمّونها متلازمة الاستقالة Resignation Syndrome كناية على ما يحدث للجسم بسببها، فهو كما لو أنَّه يستقيلُ من الحياة، ولا يأبه بها مجددًا.

قرأتُ أيضًا عن حالة طفل روسي في السويد، كان في طفولته نشطًا ويلعب الرياضات، وفجأة صُدِم بخبر عدم تجديد السلطات لحقِّ اللجوء الخاص بعائلته للمرّة الثانية، وكان صديقه الأفريقي قد رُحِّل إلى دولته، فنام صاحبنا لما يُقارب السنة، ويصحى فقط بعد موعد قريب من قبول السلطات اعطاء حقّ اللجوء لعائلته.

أجرت طبيبة مع هذا الفتى لقاء، وطلبت منه أن يصف شعوره، فقال كان يشعر أنه محبوس في بيت زجاجي، ولا يستطيع الخروج منه خشية أن يُكسَر.

صدفة؟ خطّة؟ أثر نفسي؟ يتّهم بعض اليمينيين المتطرفي في السويد العائلات اللاجئة بفعل هذا عن قصد، لكنَّ الأمر أكثر شيوعًا من أن يُرتَّب بخطة، بل يكاد يقرب من الاستحالة.

الموضوع مُسجَّل في الأدبيات الطبية، ومعظم الحالات في السويد، لعائلات لاجئة. وحسب احصائيات قرأتها في البحوث كان الآتي:

  1. في دراسة أُجريَت على 46 طفل مُصاب بهذه المُتلازمة، مُلقى على سريره من دون حِراك حتّى لأقوى المؤلمات الحسِّية، وجدوا أنَّ معظم الحالات تعود لأقلّية دينية 69% وبعض الحالات لناس قدموا من مناطق حرب 17% والأغلبية جاؤوا من منطقة قُتل لهم فيها أقارب أو جيران 93%
  2. نفس الدراسة وجدَت أن عمر الأطفال المُصابين يكون عادة بمعدل 11.2 سنة للذكور و11.8 سنة للأناث.
  3. دراسة أخرى وجدت أن الشفاء يعود بعد شهور أو سنوات من استعادة العائلة للأمل بالاقامة في البلدة التي هاجروا منها.