ما مدى صلة التعليم بالقيمة المعرفية في ظلّ ثورة المصادر العلمية ؟

وهل يحقق التعليم الأكاديمي هدف التعلّم ؟

تسائلت بعد دوام دراسي طويل لا أتذكر من حصصه أي معلومة - بإهمال منّي طبعاً - وعدت أبحث عن نشأة التعليم .

( نظرة شبه تاريخية) :-

إذا أردنا أن نتحدث عن المُنطلق الأول للتعلّم، فإن التعلم سمة إنسانية متأصلة من لدن آدم، ولكن سنتحدث عن التعليم كإطار لهذه الملكة المشتركة في جميع البشر، كما تعلمون فإن التعلّم(بصورته الحديثة) تطوَّر في عصر النهضة وبدأت العلوم بالتطوّر شيئاً فشيئاً بعد الجمود الذي غشاها في العصور الوسطى، وفي كلا العصرين تعددت المدارس والجامعات في أهدافها، تهدف لتخريج "رجال دين" أو "فلاسفة" أو "فنانين" ..إلى آخره، وظلّت هذه الوصاية والوظيفية معضلة تفقد التعليم قيمته حتى العصر وليس من بُدّ عنها في أي نظام دراسي .

( نظرة اجتماعية ) :-

غالبية من ينخرط في التعليم الأكاديمي أولى اهتماماتهم أن يشغل وظيفة مرموقة أو يحصل على شهادة، بينما كل من لا يحمل شهادة أو سابقة لاسمه بـ(دال أو ميم ..الخ) متهم بالفشل أو بالأحرى محكومٌ عليه بذلك دونما اهتمام بقيمته الثقافية، ولا يُستغرب ذلك عندما يُصبح التعلّم عرف اجتماعي لا غاية إنسانية ولا يُنظر لقيمتها بقدر ما يُنظر للأسلوب السائد لها .

وهنا سأذكر عدة نقاط لاحظتها كطالب في المرحلة الثانوية، تحدّ -حسب رأيي- من ضرورة التعليم ولا ألغي قيمته ولكن أرى التعليم في أنسب حالاته أن يكون خياراً من عدة خيارات لا ضرورة حتمية لكل فرد .

- أولاً : الأنظمة العامَّة

منطقياً كلّ قانون عام سواءً في التعليم أو في أي مجال يستحيل أن يكون الأمثل لكل فرد ولكنّه يقسمهم لثلاث فئات :-

  • الفئة الأولى : أغلبية يناسبهم القانون ولكنه لا يعدّ الأمثل .

  • الفئة الثانية : أقلية تعدّه القانون الأمثل .

  • الفئة الثالثة : أقلية لا يناسبهم القانون مطلقاً .

- ثانياً : القيود

الحريّة في أسمى معانيها أن تكون حراً فيما تتلقّى من علم .

التعليم المقنّن تحت وصاية عندما يكون الخيار الأوحد فإنه لا يصنع ثقافة ولا يصنع مجتمع مُنتج بل أفرادٌ متشابهين لا يكاد ينهي الفرد منهم دراسته إلا وأفلس من طموحاته وتفرغ في الشطر الآخر من حياته للوظيفة وأصبح مقيّد في دائرة أخرى، وفي كل تلك الرحلة يتعلّم ذلك الطالب "الإنضباط" ويفقد " الإبداع " .

-ثالثاً : منهج المزج

يومياً يخرج الطالب من قاعة اللغة العربية، وبعد أن حُقن بجرعة من المسائل يذهب ليُحشى بقصائد المتنبي ومعلّقات امرؤ القيس، ثم بعد ذلك يعود لتُجهز الفيزياء على ما تبقى من دماغة، وبعد أن يُصاب بالدوار يريده معلّم الأحياء أن يشرح كيف يتمٌّ الإخصاب في أنثى السلحفاة، فكل هذه كانت أساسيات لطالب سيتخصص فيما بعد في البرمجيّات .