في إحدى المرات، قدمت خدمة استشارية لأحد العملاء، واستغرقت الجلسة أقل من ساعة، وبعد الانتهاء، قدرت قيمة الخدمة بناء على الحلول المميزة والفورية التي قدمتها، والتي وفرت عليه وقتًا وجهدًا كبيرين، ومع ذلك تفاجأ العميل بالسعر لأنه كان يقيس التكلفة بناء على الوقت المستغرق فقط وليس القيمة المضافة، فأوضحت له أن الخبرة والمعرفة التي استثمرتها في تقديم الحل هي ما يجعل الخدمة ذات قيمة حقيقية، وليس الوقت فقط. شاركونا آرائكم هل تتفقون مع عبارة "سعر الخدمة يعتمد على القيمة وليس الوقت"؟
"سعر الخدمة يعتمد على القيمة وليس الوقت" هل تتفق مع هذه العبارة؟
يعتمد على القيمة بالطبع، ولكن إذا كان ما تقدمه قيم فعلاً فهذا ليس مبرر أن لا تتفق على المقابل المادي قبل التنفيذ، فمن الممكن أن يعترض العميل؛ لأنه ليس الجميع يقيم العمل حسب القيمة بل حسب الوقت والجهد.
ونصيحة حتى لو العمل يحتاج بخبرتك ساعة فقط أطلب له يوم أو يومين وبذلك تتجنب احتاج من لا يقتنعون بفكرة القيمة ويدفعون مقابل الوقت فقط
على الرغم من أن الاتفاق على المقابل المادي قبل التنفيذ أمر ضروري لتجنب سوء الفهم، إلا أنني أرى أن تقييم العمل بناء على القيمة الحقيقي أفضل من ربطه بالوقت أو الجهد المبذول، لأن العمل الذي يحتاج إلى ساعة فقط قد يكون نتاج سنوات من الخبرة والتعلم، وبالتالي يحق لصاحب العمل أن يقدر قيمته بما يناسب الأثر وليس الوقت.
ونصيحة حتى لو العمل يحتاج بخبرتك ساعة فقط أطلب له يوم أو يومين
أعتقد أنه من الأفضل توعية العميل بأهمية القيمة الناتجة عن العمل بدلاً من محاولة إخفاء السرعة أو التكيف مع من يقيمون الأمور بناءً على الوقت فقط.
عن نفسي أتفق معها طبعا ولكن دعني أطرح عليك سؤالًا مستوحى من قصتك هذه: هل يمكن للعميل دائمًا أن يُدرك القيمة الحقيقية للخدمة إذا لم يكن ملمًا بخفايا الجهد والخبرة؟ قد يكون أساس القضية ليس في تقليل العميل من القيمة، بل في حاجتنا لتوضيح معايير التقدير بشكل أوضح منذ البداية. كما أن مفهوم القيمة ذاته نسبي.. ما نراه نحن كخبراء إضافة جوهرية قد يبدو له كأمر بديهي.. إذن، هل الحل يكمن في تعليم العميل الفرق بين الوقت والقيمة؟! أم في إعادة صياغة علاقتنا معه لتكون قائمة على وضوح التوقعات؟ هل نُقدر القيمة بناء على منظورنا، أم بناء على قدرتنا على إقناع الطرف الآخر بها؟ بالنسبة الي لا أزال مستجدا وأرغب في الاستفادة من إجابتكم على هذا السؤال.
إذا كنا نقدر القيمة بناء على قدرتنا على إقناع المشتري بها، فهنا الثمن هو قيمة قدرتنا على الإقناع وليس الخدمة التي نقدمها، وقد لا نحتاج لتوضيح التوقعات له - بالطبع ينبغي توضيح السعر من البداية - ولكن أقصد لا يلزم شرح إضافي لأن العميل الطالب لخدمة معينة في الأغلب يملك قدر من المعرفة حول ماهية العلم الخاص بها، وقام بجولة ولو قصيرة في أسعار العارضين للخدمات، ليدرك أن تلك الخدمة حتى وإن أُنجزت في فترة زمنية قصيرة، فينبغي لها زمن طويل من الدراسة والتدريب.
بالطبع على مر العصور كان سعر الخدمة يعتمد على القيمة التي يقدمها وليس الوقت، فمن قديم الزمان نجد أن المهندس والطبيب راتبه أعلى من راتب العامل، رغم أن عمل المهندس والطبيب لا يأخذ وقتًا طويلًا مثل العامل.
ولكن هنا سؤالٌ مهم: كيف يتم تحديد السعر مقابل القيمة؟ هل يُنظر للقيمة من وجهة نظر العميل أم من وجهة نظر مقدّم الخدمة؟
في حالتك تلك -مثلًا- نجد أن العميل لم يرَ القيمة الحقيقة للاستشارة التي أخذها، ورأى أن السعر كثير على هذه الخدمة، ومن وجهة نظركِ رأيتِ أن السعر مناسب لقيمة الخدمة التي قدمتِها له، وكلاكما على صواب؛ وذلك لأنه لم يجد بعد نتيجة تطبيق النصيحة والكلام الذي سمعه منكِ؛ لذلك رأى أن السعر كبير، ومن ناحيتكِ هناك الكثير ممَّن طبَّقَ نصيحتكِ ورأى قيمتها الفعلية.
لذلك ما هو الحل لهذه المُعضلة؟
الحل هو الاتفاق على السعر قبل تقديم الخدمة، وتقديم نماذج قوية وآراء عملاء قد أخذوا الخدمة من قبل؛ ليرى العميل الجديد أن قيمة الخدمة المقدّمة تستحق السعر فعلًا، فهذان الحلّان يحلّان الكثير من المشاكل فيما بعد.
برأيي الاعتماد على الاتفاق المسبق على السعر قبل تقديم الخدمة قد لا يكون الحل المثالي في جميع الحالات، لأن ذلك قد يخلق نوعًا من الضغط على العميل للشعور بأنه ملزم بالدفع مقابل خدمة قد لا يكون متأكدًا من قيمتها الفعلية بعد، ففي بعض الأحيان يمكن أن تكون تجربة العميل هي التي تحدد فعلاً ما إذا كانت الخدمة تستحق السعر أم لا، وخاصة في الاستشارات التي تعتمد على نتائج متغيرة قد تتطلب وقتًا لتظهر، وهكذا قد يكون من الأفضل تقديم بعض المرونة في التسعير.
مع هذا الافتراض دعنا نقسم مقدمي الخدمة إلى نوعين:
النوع الأول: مقدم خدمة مشهور ومعروف ليس بالضرورة أن يعرفه القاصي والداني، بل ما أقصده أن يكون هناك الكثير من الآراء حوله بأنه صاحب خبرة في المجال الذي يعمل به، ومعروف عنه أن خدماته ذات قيمة ومتقنة وعلى أكمل وجه، ففي هذه الحالة يكون العميل قد أتى إلى مقدم الخدمة بعينه لأنه يعرف جودة خدماته، ولذلك الاتفاق على السعر قبل تقديم الخدمة هو الحل المثالي لتفادي أي اختلاف في المستقبل.
النوع الثاني: مقدم خدمة ما زال في البداية وما أقصده هو أنه قد قدّم الخدمة لعدد محدود غير كافٍ لثقة العملاء الجدد في آرائهم، وفي هذه الحالة يُنصح ببعض المرونة في التسعير كي يحصل مقدم الخدمة على المزيد من الآراء والتوصيات ونماذج الأعمال التي تشفع له مستقبلًا، ولكن ليس بالمرونة التي تجعله يتنازل عن حقه أو عن جزء من تعبه ومجهوده، ويظل المبدأ واحدًا.. الاتفاق على السعر قبل تقديم الخدمة هو أسلم وأفضل حل.
أرى أن عدم الاتفاق من البداية هو سبب ما حدث. سواء كان الاعتماد في تحديد السعر على الوقت أو القيمة فإن الاتفاق المسبق يمنع وقوع المشاكل. فهذا العميل بالرغم من حصوله على خدمة استشارة عالية الجودة، إلا أنه غير راض!
أما عن سعر الخدمة فعلى حسب الخدمة ومن يقدمها، هناك من يقيم أسعاره بناء على الوقت، مثل: المبتدئ، والموظف. وهناك من يقيم أسعاره بناء على القيمة، وهم الخبراء في أي مجال.
من يقيم أسعاره بناء على الوقت، مثل: المبتدئ، والموظف. وهناك من يقيم أسعاره بناء على القيمة، وهم الخبراء في أي مجال.
الأمر لا علاقة له بمبتدئ أو خبير! كلا المعيارين مهمين لتحديد سعر المشروع وهذا على حسب نوع المشروع وما يتطلبه، هناك مشاريع لا تحتاج وقت كبير ولكن قيمة العمل والأفكار المقدمة تكون ذات جودة عالية ونتائج جيدة وعلى هذا الأساس يجب أن يضع المستقل قيمة لعمله، وهناك مشاريع تحتاج لوقت ولكنها تكون روتينة ولا تحتاج من المستقل جهد كبير في التفكير ولا أي إبداع، وبالتالي القيمة تحدد على حسب الوقت، فليس من الطبيعي مساواة حجم مشروع أسبوع بحجم مشروع شهر، وهناك مشاريع تحتاج الاثنين وقت وقيمة عالية وبالتالي يضع المستقل سعره على حسب الاثنين ويراعي مجهود وضغط كلا المعيارين عليه، كل هذا لا علاقة له بمبتدئ أو خبير فكلا المستقلين يتعرضان لكل أنواع المشاريع المذكورة.
التعليقات