متى أصبح جاهزة لخوض تجربة التدريس الخصوصي عن بعد؟

اعتقد انك محقة جدا في تريثك وتمهلك في الدخول في هذا لمجال ، شخصيا اعتبر ان هذه المجال هو مجال مازال مشوبا ببعض الشوائب والعوائق والمشاكل في نفس الوقت، كما انه لا يليق بالبعض، ولا اظن اني سأفكر فيه بجدية حاليا، واتحدث عن التدريس الخصوصي بالضبط .

اذا كنت شخص واسع الاطلاع وطموح كفاية وقارئ شيء ما فلا اعتقد ان هذا المجال هو مجالك، وعن تجربة شخصية فشلت في هذا فشلا ذريعا لاسباب منها:

• المناهج الدراسية التافهة المفرغة من المحتوى : فالمتمدرس محكوم بمناج معين عليك ان تدرسه وفقه سواء اتفقت ام اختلفت معه، وعلى الاغلب ستجد نفسك مختلفا معه ومجبر على تدريسه بعض الافكار التي تعتقد انها خاطئة وهذه خيانة لنفسك ومبادئك وخيانة للطالب.
• الوقت : انت محكوم بعدد ساعات معينة لا تكفي في العموم لتقديم المادة على اصولها خصوصا وان البعض يترك كل الدروس حتى يصبح على ابواب الامتحان ويلزمك بتدريسه وانجاحه واذا لم يحصل على النقاط التي يرغب فيها ستكون انت المعيب.
• ان اغلبية الطلبة يتقدمون للدروس الخصوصية لتقوية انفسهم في مناهج هن في الاساس ليس لديهم حلقات مهمة من المنهج، فتجد طالب يريد كتابة نص بالانجليزية مثلا وهو في الاصل لا يعرف حتى مالفرق بين الفعل والاسم، وبما انك محكوم بالوقت وعدد الساعات فسيكون ذلك سحرا ان تعلمه الحلقات المفقودة اولا ثم الدروس التي جاء من اجلها في الاصل .
• تصحيح الافكار وتوسيع الرؤية: معظم المناهج العربية اذا لم اقل الكل هي مناهج فارغة لمفاهيم كبيرة، اي انها تسطح الأفكار الكبيرة وتجعلها بدون معنى، مثال ذلك جميع دروس التاريخ والفلسفة والادب... فتجد مثلا درس في الفلسفة موجود في كل مناهجنا العربية، وهو درس أصل اللغة، يتم فيها تسطيح فلسفة اللغة التي هي فلسفة ضخمة جدا عمرها قرون في مجرد مقالة واحدة، ويتم اجبار الطالب على حفظ مقال، ثم يقال له لماذا لا تفهم؟ فعندما يشك الطالب في فهمه لانه اصلا لم يفهم شيء يعود مضطرا للحفظ ، ولا يجد اي معنى فيما يدرسه اصلا، فيقال ان الطلبة لا يفهمون الفلسفة، في حين ان الطالب لكي يفهم موضوع كهذا يحتاج على الاقل الى 5 او 6 ساعات لكي يعرف مامعنى الكلام حول اللغة، فيتمكن من الاجابة، وهذه هي المعضلة، استاذ الدروس الخصوصية يجد نفسه في مأزق، وهو كيف يفهم الدرس الذي لم يستطع استاده في المرسة ان يقدمه له اولا، وقدمه له بشكل سريع وسطحي وبعض الاحيان خاطئ اصلا، فيضظر الاستاذ الخصوصي ان يصحح اولا فهم الطالب ثم توسيع الفكرة في عقله ثم تعليمه كيف يكتب ما فهم ، فيجد انه تعدى الوقت المبرمج للتدريس ، والكارثة ان عندنا فكرة من يتجاوز وقت التدريس فهو استاذ فاشل، لذلك يحب الطلبة الاستاد الذي يقدم اسرع ما يمكن ويساعدهم على الحفظ مباشرة دون فهم ، مثل ما يقال بالمصري عايزين ننجز بقا ههههه

أحيانا يا فاطمة ليس عليكِ أن تكوني مستعدة حتى تبداي، ولكن يكفي أن يكون لديك الحماس للبدء والتعلم أثناء التطبيق العملي. على ما أذكر حضرتك أم لولدين وبالطبع تساعدينهما في أمور المذاكرة وحل الواجبات. لذا بالفعل لديك الأساس المطلوب.

سيكون عليكِ فقط التحضير الجيد قبل كل جلسة أو كل عمل، ولا تمنعي عن نفسك التطور الذي قد تحصلين عليه بالتطبيق الفعلي في مدة قصيرة، وقد تأخذين مدة أطول بكثير لتحصيل نفس القدر بالمعرفة النظرية وقد لا تفعلين حتى.

أجد مفهومين مختلفين "المساعدة في حل الواجبات المدرسية" ، " التدريس الخصوصي". أجد أنهما يختلفان وليس وجهان لعملة واحدة. فالأولى ربما يعترض عليها الكثير كونها تعد جزء من إيقاف تشغيل لإبداع الطالب واتكاليته على الاخرين، طبعاً هذا إذا كان الشخص سيقوم بحل الواجبات أما اذا كان فقط شرحها وتوضيحها فهنا يختلف الأمر. أما التدريس الخصوصي فهو منحى أخر يختلف والسؤال الرئيسي: هل المعلم ينتظر أن يصبح معلماً ليبداً " أم أنه يكون معلماً ولديه ذلك الشغف وتلك الاستراتيجيات والخبرات التي اكتسبها ليبدا دون انتظار؟

وهل فرصة العاملين في مجال التدريس كمهنة أساسية تفوق فرصة غيرهم للنجاح في هذا المجال؟

مهنة التدريس كغيرها لها نصيب من النجاح ونصيب من الفشل وهذا يعتمد على القائم عليها ما إذا كان يطور نفسه ويواكب العالم المتسارع ويجيد استغلال كل ما هو جديد وكل ما هو حوله ويطوعه لأجل مهنته.

التدريس فاطمة مجال جميل ومرهق. جميل لأنك تتعاملين مع عقول و بشر فانت تسعدين بانك تبني تللك العقول وتقدمي لها أفضل ما لديك. ومرهقة لانك أحياناً -بل أحايين - تصطدمين بعقول مفرغة لا يهمها من التدريس شيئ حتى ولو كان درس خاص!! أصادف نوعيات كثيرة تلك الأيام من هذا الطلبة في كل الصفوف وخاصة في المراحل المتقدمة مثل الاعدادية و الثانوية!! للأسف التعليم في عالمنا العربي لم يعد له ذلك البريق الذي كان في العقود الماضية من أهمية و تقديس. هذا في أرض الواقع. أما في العالم الافتراضي و من وراء الشاشات فهنالك صعوبة في التحكم عن بعد وكذلك افتقاد عنصر ممارسة القوة و الضغط على طالب؛ فهو يشعر بحرية أن يتحرك كما يهوى أو حتى لا يسمع لك وغيرها من الأمور ناهيك عن الأهل الذين يريدون منك أحياناً أن تصنعين من الابن او الابنة أحمد زويل أو سميرة موسى في شهر واحد!!! ولكن لنكون منصفين ليس كل الطلبة هكذا ولكن عليك أولاً أن تتأكدي من وسيلة الدفع ويا حبذا لو تسلمت نصف المبلغ مقدما على أن تتسلمين نصفه الآخر بعد انقضاء المدة المضروبة.

وهل فرصة العاملين في مجال التدريس كمهنة أساسية تفوق فرصة غيرهم للنجاح في هذا المجال؟

لا، إطلاقاً. ليس شرطاً بل إنً المتفرغين في المنازل فرصهم أكبر نظراً لما عندهم من طاقة يفرغونها في التدريس عن بعد. أنا مثلاً لا يستهويني التدريس عن بعد مطلقاً لصعوبات كثيرة منها أنني لا أستطيع أن أفهم من أمامي إلا إذا كان موجوداً بشخصه. كذلك، اقتناعي بأن التعليم ليكون فعالاً فلابد من التواصل الجسدي و البصري حتى أنني اقوم أحياناً بهز كتف أحدهم او رفع الصوت او السكوت فجاة كي أجذب الانتباه.