دائمًا تغريني عروض التدقيق اللغوي في مستقل، خصوصًا تلك العروض التي يُريد فيها صاحب المشروع أن تُحسَّن صياغة نصّه. هناك أشعرُ أنِّي ملكٌ مُملَّك، مُسلَّط على الرقاب وما أحلى السلطة!

لكنِّي أتسائل عمّا يتطلبه الأمر لتقدِّم بثقة على تلك المشاريع؟ لا أرى صراحة أنّ هناك شهادة واضحة تفصلك عن إتقان التدقيق. بالنسبة لي، ما درستُ النحو إلّا كما يُدرَّس ببرود في المدارس، ومع ذلك، لا ألحنُ إلّا سهوًا.

برأيي، هناك أمور عامّة تمرُّ معي كل يوم، وهي شائعة جدًا، أقولُ إذا تنبَّهتَ يمكنك حينها أن تقدِّم على مشاريع التصحيح اللغوي في مستقل من اليوم! هذه النقاط غير مرتّبة، لكنّها بمثابة (80% نتائج من مجهود 20%)

1- معرفة بالنحو وأساليب العرب

لا أعتقد أنّك تحتاج أن تميّز بين التمييز والنعت، أو أن تعرف إعراب جملة ما بعد الشرط، لكن المهم أن لا ترفع ما محلّه النصب والجرّ أو العكس، فهذا قبيح على اللسان. المشكلة الأكبر التي أراها عند معشر الكتّاب، وقد أقع فيها أحيانًا، وهي أنّنا نُسكِّن ما حقّه النصب، خصوصًا ما يجيء بعد كان.

2-معرفة بعلامات الترقيم

لا يُرهق العين أكثر من كتابة ليس فيها فواصل لجرّ النفس. هذا ما ألاحظه عند الكتّاب بكثرة. بالنسبة لي لا أتحرَّج عن الفوارز، وأضعها وفقَ نمط تنفّسي أثناء الكلام. أحيانًا أضعها بعد كلمة، كلمتين وأحيانًا بعد جملة طويلة.

بعد الفاصلة لا أرى أنّ هناك ضروريات كثيرة، هناك كتاب قيِّم يُدعى "الترقيم وعلاماته في اللغة العربية" للعلّامة المحقق الأديب الكبير أحمد زكي باشا يمكنكم الاطّلاع عليه فهو مفيد.

3- التاء والهمزة يرحمكم الله!

التاء المربوطة عادة ما تستبدل بالهاء والعكس. علّمنا مدرس اللغة العربية في الصفّ الأول المتوسِّط حيلة لإتقان وضع التاء والهاء للأبد.

ببساطة قال: حاول أن تنصب الكلمة، إذا سمعتَ فيها تاءً فهي تنتهي بالتاء المربوطة.

مثلا مدرسة، تُنصب وتقال "مدرستنٍ" فسمعت التاء فهي تاء.

أمّا الهمزة، فقصّتها قصّة. أرسل لي أحد القرّاء قبل سنوات رسالة، أخبرني أنّه يحب كتاباتي إلّا أن فيها منفرة، وهي أنّي لا أضع الهمزات في نصوصي بالشكل الصحيح!

يومها تعلَّمتُ حيلة للهمزات بقيت معي إلى الآن:

أرجع الفعل إلى أصله، ثلاثي أو رباعي سيكون بهمزة، خماسي وأكثر يصير بدونها، وإذا كان أمرًا فهو بهمزة دائمًا

مثال: كلمة "اطلاع" أم إطّلاع" ؟ يرجع الفعل إلى "اطّلَع" وهو خماسي، لأنَّ الشدة بحرفين، فلا نضع الهمزة. (اطلاع)

هناك الكثير من القواعد للهمزاتهل، لكنّي تعلمتُ ما يُنجّيني في 80% من المحاولات بـ20% من المجهود.

4-منفّرات عامة

هذه المنفّرات أكثر ما تكرّرت معي عند القراءة للناس، وعند التدقيق في نصوصي.

1-عدم حذف الياء أو الواو من بعد (لم)

لم أشترِ وليس لم اشتري

لم أدعُ وليس لم أدعو

2- عدم وضع ألف التفريق

هناك ألف التفريق توضع للتفريق بين الفعل المفرد الذي ينتهي بالواو، وبين فعل الجماعة المنصوب الذي ينتهي بالواو والألف

يدعو أحمد صاحبه (مفرد)

ترفّقوا في كلّ بلاد (جمع)

الألف توضع للجماعة. الفعل المفرد لا يُوضع له شيء.

3-كلّما .. كلّما

لا تقل كلّما ذهب أحمد كلّما ذهب الخير.

بقل: كلّما ذهب أحمد، ذهب الخير.

أكاد أتقيّء حرفيًا ممّن يستعملها مرتيّن!

هل لديكم نصائح أخرى للتدقيق اللغوي؟