كنتُ ذاهبة إلى الدكانة، وفجأة التقيت بجارتي التي أحب،

لكنها صاحبة الفضول الذي لا ينتهي، حيث تبدأ الأسئلة تنهال كالرصاص: "فين كنتِ؟ مع من؟ وش ديري في حياتك؟" أسئلة تبدو بريئة، لكنها في الحقيقة تفتح نافذة على خصوصياتي، وكأنها تقول لي: "أنا هنا، ولا شيء يخفى عليّ." في البداية، كنت أبتسم وأجيب بلطف،

لكن مع مرور الوقت، أصبح هذا الفضول عبئًا ثقيلًا،

يخنقني كأنني عصفور محاصر في قفص لا يُرى، وأجد نفسي أتجنبها كلما رأيتها، رغم أن قلبي يحبها ويريد أن يبقى قريبًا.

قلت في نفسي: "هل هذا الفضول تعبير عن محبة؟

أم هو سلاح يُستخدم بدون قصد ليصيبني بالاختناق؟"

أحيانًا أشتاق لتلك اللحظات التي كانت تملأها حواراتنا،

لكن لا أحتمل أن يتحول اللقاء إلى تحقيق مدقّق،

وكأنني مجبرة على تقديم تقرير مفصل عن كل صغيرة وكبيرة. أتعجب كيف يتحول الفضول من جسر يقرّبنا،

إلى جدار يعزلنا عن بعضنا، وكأن الكلمات الزائدة تصبح قيودًا، والاهتمام الزائد يتحول إلى تهمة.

فهل يمكن للإنسان أن يحب بصدق، دون أن يخنق من يحب؟

وهل الفضول الذي يختفي خلف عبارات "أنا مهتمة"

هو حقًا محبة، أم مجرد رغبة في السيطرة على تفاصيل الحياة؟

في نهاية الأمر، أدركت أن لكل قلب حدوده،

وأن المحبة الحقيقية ليست في اقتحام الخصوصيات،

بل في احترام المساحات، في الحرية التي تمنحها دون شروط، في الصمت الذي يحترم ولا يضيق.