في صغري حظيت بلعنة.. لعنة على شكل تلفاز.. يريني ما يريد.. على الشكل الذي يريد..

فكبرت وانا لا أعلم ما أريد.. ولا أعلم الحقيقة التي يجب أن ابصرها..

استمعت لصوت وصورة... صوت وصورة مكررة عن الخير والشر..

كان كل شيء لطيفا وممتعا.. لطيفا وممتعا وساما لغرض تجاري..

غرض تجاري.. يكرر أن الخير في جمال صوت بياض الثلج وهي تغني.. رفقة عصفور...

أما عن الشر.. فلونه اسود في رداء.. مع عينين بارزتين.. أنف كبير.. ومكنسة.. أو كحل مخيف ونظرات حادة مرفوقة بقهقهة تصرخ شرا..

فكبرت وانا ابحث عن هذه العلامات.. في قريب أو بعيد.. لأجد الخير والشر على هوى والت ديزني في عقل طفلة.. لم تجد إلا صوتا مشوشا لغرض تجاري..

سأكون صادقة.. والت ديزني... كان بوصلة صوت الخير والشر بالنسبة لي.. لأنني لم أحصل على صوت آخر..

فجاءت صفعات قريبة جدا..

صفعات في صوت يشبه صوت بياض الثلج وهي تغني.. صفعات لم تكن تحمل مكنسة..

ثم.. وقفت لوهلة..

وقفت أبحث عن العلامات التي لا أستطيع تمييزها...

فنظرت إلى المواقف.. وهنا كان علي الإنتظار.. انتظار صفعة أو سوء.. أو خير طيب بطريقة ما..

انتظرت وانا خائفة.. وتوقعت المثالية... فجاء كل شيء بإنسانية شديدة... إنسانية لم أفهمها..

لأنني انتظرت تصرفات شيطانية أو تصرفات ملائكية.. تصرفات تترجم بتطرف إلى المطلق..

وهنا.. اكتشفت أنني بحاجة لإعادة تعريف الإنسانية بعيدا عن تعريفات والت ديزني..

فوالت ديزني لم تتوقف.. عند الصورة المشوشة عن الخير والشر..

بل تعدت ذلك إلى التعريف المتطرف لإنسانية الإنسان..

فخسرت علاقتي بالناس لأنهم كانوا إنسانا أكثر من خسارتي أمام صفعات جانب الشر الإنساني..

واضطررت للمرة الثانية إعادة تعريف الخير والشر وإعادة تعريف الإنسان..

اكتشفت أثناء بحثي.. أن القبول للروح الانسانية.. دون النظر للشكل.. والصوت.. والملابس.. ودون وضع ملامح شيطانية أو ملائكية على من تجمعني علاقة بهم.. هو ما منحني الراحة..

الراحة في أنني أواجه إنسانا... يخطئ... يتعلم... يصحح.. ويقدم على الفعل الصحيح..

رغم ذلك وبكل توازن... كان علي تعلم وضع حدود لكل إنسان أتعامل معه..

كي ادافع.. عن نفسي.. ادافع عن حدودي.. وأحمي صحتي النفسية..

وترجمت هذا إلى الترك المباشر دون تواصل ودون تفسير..

احتفظت بكل ما حملته في اي علاقة إنسانية وغادرت... هكذا فحسب..

كنت جبانة على المواجهة.. وكان الأمر أعقد من أن اجيب بالكلام أو اسمح بالتواصل مع من وصل للحد الأقصى من الأذية بالنسبة لي..

وانا كإنسان اعترف..

لست مثالية ولا على قدر التوقعات العالية.. أعترف أنني شريرة في قصة ما..

أعترف أنني مجرد إنسان بعيد عن السم الذي جاء لاغراض تجارية...

أعترف أنني اضطررت للاعتذار لأنني أخطأت.. واعترف أنني تجاهلت الاعتذار في أحيان..

أعترف أنني لازلت أتعلم.. وأخطئ وأصيب..

واعترف أن كل كلمة أقولها واكتبها هي مرآة لنفسي.. مسارها ينبع من قلبي ليصل إلى عقولكم وقلوبكم..