---
السلام على قلوبكم الطيبة،
أشارككم اليوم الجزء الثالث من حكايتي، وأحمل في قلبي امتنانًا لكل من تابع وكتب كلمة طيبة في الأجزاء السابقة ولي عندكم رجاء أن تدعو لي ان احصل علي معدل عالي خلال هذه السنه .
ما زالت هذه القصة قريبة من روحي، وكلما كتبت، شعرت أنني أقترب خطوة من فهم نفسي أكثر. في هذا الجزء، تنكشف طبقات أخرى من القناع... وربما تظهر أشياء لم أكن أجرؤ على قولها من قبل.
أترككم الآن مع السطور... وعيناي على قلوبكم.
---
عنوان اليوم: "رغم كل شيء"
"رغم وجود عائله كنا بلا مأوي"
رغم أنني كنت أشعر بالأمان بوجود أهلي من حولي، إلا أنني كنت تائهة ووحيدة. المستوى المادي لعائلتي بدأ يتحسن كثيرًا عن قبل، لكن دائمًا ما كان هناك عائق يظهر كلما شعرنا ببعض الاستقرار، وهذا العائق كان: الأهل.
كان أهل أبي يعيشون في حالة من الكره المستمر تجاهنا. أتذكر عندما كنت في المرحلة الابتدائية، كان أولاد عمي يسرقون حذائي حين أتركه أمام الباب، فقط لأبكي أمامهم. وعندما كانت صديقاتي يأتين لزيارتي، كانوا يرمون الماء عليهن حتى تبتل ملابسهن تمامًا، ثم يقولون لأبي: "لم نقصد شيئًا، كان مجرد خطأ".
وغيرها من مواقف كثيرة امتلأت بالإساءة أو السخرية من عائلتي. حتى جاء اليوم الذي اعتبرناه الأسوأ. كنا نعيش في نفس البيت مع أعمامي، وكان لعمي الأكبر فكرة فتح مخبز داخل المنزل. ورغم اعتراض الجميع، لأن المخبز سيُفسد البيت بحرارته وغباره وضوضائه، أصر عمي على قراره. وبالفعل، افتتح المخبز، وبدأت معاناة يومية من صياح منذ الفجر، وأصوات العمال التي لا تتوقف من الليل حتى الصباح.
كنا نحاول التحمل والصبر، لكن المشاكل لم تتوقف. عمي الآخر كان يسكن في الدور العلوي، وكان لدينا بدروم صغير يستخدمه أبي لتخزين الدقيق واحتياجات المخبز. وفي أحد الأيام، قرر عمي أن يبدأ مشروع بيع فواكه مع زوجته، وكان يحتاج مكانًا لتخزين البضائع، فطلب من أبي مفتاح البدروم.
وافق أبي، رغم ضيق المكان، وبدأت زوجة عمي تُدخل الزبائن إلى هناك، مما كان يزعج أبي كثيرًا. لكنه لم يتحدث، بل كان يرضى بصمت، فقط لأنه أخوه.
في الشتاء، كان أبي يحرص على تخزين كميات أكبر من الدقيق تحسبًا لأي طارئ. وذات يوم، أرادت زوجة عمي أن تضع بعض البضائع، لكنها رأت أن المكان لم يعد مناسبًا لدخول الزبائن، فأخبرت زوجها، الذي بدوره تحدث مع أبي.
شرح له أبي أنه يحتاج بعض الوقت فقط لإفراغ المكان، لكنه لم يتقبل ذلك.
وفي اليوم التالي، رأيت من نافذة غرفتي عمي يتشاجر مع أبي، وحولهما جمع من الناس. تسارعت دقات قلبي، لم أفهم ما يحدث، ثم رأيت عمي يذهب إلى بيته، ويعود حاملًا سكينًا! كنت مرعوبة، أتمنى أن يكون كل ما أراه مجرد حلم، حتى سمعت أمي تصرخ وتبكي، وترتدي عباءتها وتهرع إلى الشارع، وهنا فقط أدركت أنني لست في حلم... بل في واقع مؤلم.
جاء جدي في النهاية، وأنهى الشجار قبل أن تقع إصابات خارجيه ، لكن كانت هناك إصابة واحدة حقيقية... في داخلي. رغم أنني لم أكن بينهم، إلا أنني شعرت أن شيى داخلي ينزف .
بعدها، عرض جدي على أبي أن يعطيه البيت القديم الذي يسكن فيه مع جدتي مقابل تنازله عن البيت الذي كنا نعيش فيه. كان ذلك البيت قديمًا ومبنيًا من الطين، لكن جدي وعد بإعادة بنائه. وقرر تقسيم الميراث في حياته: أبي سيأخذ البيت ليبنيه من جديد، ويأخذ أعمامي البيت كاملا وكانت لدينا شقتين داخل البيت . أما الأرض المقابلة، فستذهب لجدتي.
كان هذا التوزيع غير عادل إطلاقًا، والمبلغ ثقيل على أبي، وكأننا سنصبح مدينين لأعمامي. لكن أبي وافق، فقط لأنه لم يعد يحتمل البقاء في هذا البيت.
وبالفعل، بدأ في هدم البيت القديم وشرع في بنائه، وما زلنا حتى الآن نعيش في البيت القديم إلى أن يكتمل البناء. وأعطى أبي البدروم لعمي، الذي كان ينتظر بفارغ الصبر أن نذهب من البيت.
"سأنتهي هنا اليوم، تنتهي كلماتي... لكن الألم ما زال يسكنني...
أراكم في الجزء القادم، في حفظ الله.
التعليقات