من أغرب الأمور التي لاحظتها في نفسي، أن عقلي حين يحاول منع شعور معين، يتعامل مع المشاعر كما يتعامل مع نفسه، فيحاول بناء جدار حجري وسط محيط واسع، ظنًّا منه أن ذلك سيمنع تدفق المياه إليه. لكنني لم أجد حلًا أفضل من أن أترك المحيط يبتلع ماءه كما هو، وألا أسمح لعقلي بالتدخل فيما ليس من شأنه؛ فمكانه لذاته، ومكان الشعور للمشاعر فقط.
عندما يدرك كل دورٍ في الحياة مهامه، يعرف بطبيعته الخطة التي تناسبه، والأداة التي تخدمه. وعندما تتعرف على الأدوار التي يقوم بها كل جزء من مكوناتك، تبدع في انسجامها معًا، مثل حركة الكواكب التي تدور في أفلاكها الخاصة، دون أن يتنافس كوكب الزهرة مع الأرض، فكلٌّ يعرف مساره، وكلٌّ يرسم لوحته الخاصة.
لنأخذ مثالًا من الواقع: العقل وظيفته التركيز ووضع الخطط اليومية، الأسبوعية، أو حتى السنوية، أما الشعور، فمهمته بثّ الطاقة التي تمكّنك من الاستمرار في تحقيق تلك المخططات. هذه الخطط تدور حول رؤيتك، أو شمسك الخاصة، التي تمثل شغفك أو رسالتك لنفسك بعد عقد من الزمن. ومع جسدك تكتمل المعادله، على فكّ لعبة الحياة التي انت بها .
من أكثر الأسئلة المتداولة: "من الذي يُقرر؟ عقلك أم قلبك؟" وجوابي ببساطة: ما علاقة هذا بذاك؟ للعقل مهامه ومكانه في الجسد، وللقلب مهامه ومكانه أيضًا. وفي مراحل معينة، يتعاونان لمصلحة مشتركة، حيث يستفيد كل منهما من الآخر، وتسير العملية كما يجب. لذا، لا أفهم لماذا يُطرح سؤال جوابه بديهي! لو تأملنا قليلًا في أجسادنا، لما تساءلنا: من الأفضل لرفع الكأس، اليد أم القلب؟ أو من الأفضل لهضم الطعام، المعدة أم عضلة الساق؟ أو حتى، من الأفضل للتنفس، الكبد أم الطحال أم الجهاز التنفسي؟
لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يصل أحيانًا إلى المفاضلة المطلقة! كأن يقول أحدهم: "أنا أفضل المعدة لأنها تهضم أسرع، ولا أحب الطحال لأنه سيئ في الهضم!" هههه! والأسوأ، حين يُسقط هذا المنطق الساذج على المقارنة بين الذكر والأنثى، أو بين العقل والقلب!
في النهاية،حين يدرك كل جزء من الإنسان وظيفته، يصبح أكثر اتزانًا، تمامًا كالكواكب التي تدور في أفلاكها الخاصة دون تصادم، بل في رقصة كونية متناغمة.
Khadija-ija
التعليقات