منذ يومين كنت جالس أنا وصديقي في أحد المقاهي وأخذنا الحديث إلى أمر لا يعرفه أحد سوى أنا وصديقي. الغريب أن بعدها بيوم أتصل بي صديق آخر لا يعرف صديق الذي كان جالس معي في المقهى ويقول لي هل تحدثت عن كذا وكذا وأنا مصدوم كيف عرف هذا الموضوع بكل هذه التفاصيل. لقد عجزت عن الكلام وللعلم صديق هذا يسكن في مكان بعيد عن المقهى يعني مستحيل أن يجلس في هذا المقهي. أنا مصدوم ولا أستطيع أن أتوقف عن التفكير كيف عرف صديقي إني تحدثت في الموضوع
على حافة الجنون
طريقة رؤيتك للمشكلة بها خلل.
فأولا، أن يسكن بعيدا عن المقهى ليس استبعادا كاملا لكونه كان هناك، قد تكون قادته الظروف هناك بطريقة ما في استراحة اثناء رحلة مثلا او سفر او اي شيء، يعني ان احتمال هذه الصدفة ولو كان ضعيفا لكنه ليس مستبعدا.
ثانيا، صديقك حتى لو كان لا يعرفه، هل ضمنت عدم وجود صديق مشترك بينهما وأن صديقك لسانه فالِت فانتقلت القصة من هذا لذاك لذاك..
ثالثا، قد يكون شخص يعرفك ويعرفه هو من كان جالسا في المقهى وقد أوصل له الحديث!
رابعا، قد يكون عرف عن طريق بث مباشر لقناة ما أو لأحدهم.. ظاهرة البثوث المباشرة في بعض المقاهي موجودة خاصة تلك المقاهي التي تعرض مباريات حصرية وغيرها.. احتمال ضئيل لكنه يظل موجودا.
الآن، بما أنك قلت اتصل بعد يوم وليس مباشرة، فربما الاحتمال الاول والرابع ضعيفان، حيث استغرق الامر بعض الوقت حتى يصل الكلام اليه مما يرجح وجود وسيط كما في الاحتمالين الثاني والثالث.
وأيضا حاول التفكير في طبيعة العلاقة بين الأشخاص المعنيين. ربما صديقك لديه فضول خاص أو دوافع تدفعه للبحث عن هذه المعلومة من مصادر مختلفة.
أنظر بالنسبة لي لا أعرف تفاصيل الأمر، ولا أملك مبرر واضح يفسر ما حدث، ولكن كثرة وتتابع المواقف المشابهة في حياتي علمتني أن السبيل الوحيد لكتم أمر هو أن لا انطق به لأي شخص وبذلك اضمن سريته.
وأذكر قول أبي هنا ( لا تحكي لعزيز فلكل عزيز عزيز) أي أن من تكتم عنده سر لأنه عزيز عليك ربما يفضح سرك لشخص آخر لأنه عزيز عليه.
مهم جداً أن أنوه إلى أمر بمناسبة العنوان المكتوب، عندي خبرة صدقني بالأمور التي قد تيأس من معرفة حقيقتها فتندفع لتفسيرات غير منطقية ولذلك أحذرك من موقع شخص عانى الأمرين بتسرّعه، أنه يجب أن مهما دفعتنا الأحداث لتصديق أمور غير منطقية، يجب أن نتمسك بالقانون المنطقي والعلمي، يعني بأوقات الأزمات أو الغموض التي تشابه قصتك الحالية قد تشعر بالإغراء لتبني أفكار أو حلول تبدو أسهل وشبه منطقية ولكنها تفتقر إلى الأسس العلمية أو يمكن أن تتهم أحد. هذا المسار قد يقودنا إلى قرارات خاطئة ومعاناة أو الأسوأ معتقدات تؤثر على حياتنا ومجتمعنا. الالتزام بالمنطق والعلم والمرئي أمر ضروري، أو عالاقل الأمر المبرهن فعلاً عليه.
تمسك بأدوات التفكير النقدي، هناك كتاب من دار الحوار السورية بهذا العنوان اقرأه لتعرف كيف تفكّر بالموقف.
التعليقات