في الأمس كانت ذكرى ميلاد بهجة بيتنا و آخر العنقود أختي الصغرى ، بفضل الله أتمّت عامين ، ناهيكم عن الغصة التي في قلوبنا كيف كبرت عاماً وسط هذه المعاناة ، عاشت عاماً من التشريد و الدمار و القتل و الجوع و العطش و الفقد ، في هذا العمر الأصل أن الأطفال يعيشون أدنى حقوق الطفولة ، يتعرفون على الأشياء من حولهم ، لكن طفلتنا عاشت من نزوح لآخر ، كلما اعتادت مكاناً نزحنا منه مجدداً ، عاشت بعيدة عن حنان والدي الذي فقدناه منذ أشهر عدة ، لم تعرفه سوى عبر صور الجوال ، عاشت الجوع فلم تشبع يوماً ، لم تعرف معظم أسماء الأطعمة ، لم تعرف طعم الفاكهة و الخضراوات ، عاشت العطش ، أعتقد أن الأطفال في مثل هذا العمر يجب أن يحصلوا على كفايتهم من المعادن و الفيتامينات ، يجب أن يشربوا الحليب و يأكلوا البيض لبناء أجسامهم ، لكن ما باليد حيلة ، كنا نسكت جوعها ببعض الخبز اليابس و الشاي المخمر بلا سكر و المجهز من مياه غير صالحة للشرب أساساً ، صغيرتي لم تعرف ما هو البيت ، وعيت على نفسها في خيام النزوح ، لا تعرف ما الباب و لا الشباك ، عاشت في الشارع تماماً ، بردت في الشتاء و احترقت في الصيف ، يكاد يمر عام و المعاناة نفسها لا تنتهي بس و تزداد سوءاً كل يوم .

أتمنى من الله أن يعوضك أياماً بجمالكِ يا صغيرتي

و أن يعطيك عمراً مبتهجاً و أن يعوضك حنان أبي